الكلاب الثلاثة ـ أنّه معارض بظاهر عبارة الشيخ في مكاسب الخلاف (١) وكذلك عبارة الغنية (٢) من دعوى الإجماع على تحريم بيع ما عدا كلب الصيد ، مضافاً إلى أنّه موهون باشتهار القول بالمنع بين القدماء والمتأخّرين إن لم نقل بكونه أشهر ، فلا يمكن التعويل عليه مع اشتهار ذلك القول كما هو واضح.
وثانيهما : أنّه لو جاز بيع كلب الصيد جاز بيع هذه الكلاب لكنّ المقدّم ثابت بالنصّ والإجماع فكذا التالي ، وبيان الملازمة أنّ المقتضي للجواز في كلب الصيد وهو الملك وجواز الاقتناء ووجود المنفعة المحلّلة وجواز الإجارة وجواز الوصيّة وجواز الهبة وتقدير الشارع للدية موجود في هذه الكلاب أيضاً ، فإنّها مملوكة ويجوز اقتناؤها ولها منفعة محلّلة مقصودة للعقلاء وهي الحفظ والحراسة ويجوز إجارتها والوصيّة بها وهبتها وقدّر لها دية وهي عشرون درهماً على ما ورد به النصّ.
ويزيّفه أنّ الحكم كما اعترف به المستدلّ إنّما ثبت في الأصل بالنصّ والإجماع لا بالأحكام المذكورة ، والمفروض أنّه فيهما غير معلّل بتلك الأحكام ليندرج المقام في العلّة المنصوصة المسوّغة للتعدّي من كلب الصيد إلى الكلاب الثلاثة فيرجع إثبات العلّة إلى إعمال شيء من طرق الاستنباط والاستدلال معه يرجع إلى القياس المستنبط العلّة وهو باطل عندنا بالضرورة ، مضافاً إلى عدم اطّراد جواز البيع مع الأحكام ، ومرجعه إلى تخلّف الحكم عن العلّة كما في امّ الولد والوقف والحرّ ، فإنّ الاولى ملك ويجوز اقتناؤه وله منفعة محلّلة ويجوز إجارتها مع عدم جواز بيعها ، والوقف يجوز إجارته ولا يجوز بيعه ، والحرّ يجوز إجارته ولا يجوز بيعه ، مع أنّ تقدير الدية من الشارع ربّما استظهر منه عدم جواز البيع لأنّه يكشف عن عدم كون الكلاب مالاً يقابل بالمال ويعاوض بالأثمان ، وإلّا فقضيّة ماليّة المال أن يضمن بالقيمة إذا كان قيميّاً فوجب كون ديتها القيمة كائنة ما كانت.
فإن قلت : إنّ ما ذكرت من عدم الاطّراد وإثبات التخلّف إنّما يقدح في الدليل إذا اريد الملازمة العقليّة فإنّ اللازم العقلي يستحيل تخلّفه عن ملزومه وليس بلازم ،
__________________
(١) الخلاف ٣ : ١٨٣.
(٢) الغنية : ٢١٣.