ويكفي الملازمة الشرعيّة وهي بين الأحكام المذكورة وجواز البيع ثابتة بالدليل من النصّ والإجماع ، ومرجع الملازمة الشرعيّة إلى لزوم جواز البيع للأحكام المذكورة على سبيل القاعدة الكلّيّة وهي قابلة للتخصيص ، والموارد المذكورة للتخلّف مخرجة عنها بالدليل وما عداها باقٍ تحتها ومنه الكلاب الثلاثة.
قلت : تحريم بيع الكلب أيضاً قاعدة ثابتة بالدليل ، وهي مع القاعدة المذكورة متعارضتان وبينهما عموم من وجه لافتراقهما في كلب الصيد وامّ الولد والوقف والحرّ واجتماعهما في الكلاب الثلاثة ، فلا بدّ من الترجيح بمرجّح داخلي أو خارجي ، ومن المرجّح الداخلي في العامّين من وجه كون أحدهما أقلّ أفراداً من الآخر ، ولا ريب أنّ قاعدة التحريم أخصّ مورداً بمراتب شتّى من قاعدة الملازمة فيؤخذ بها ويخصّص قاعدة الملازمة بإخراج مورد التعارض عنها.
ولم نقف للقول بجواز بيع كلب الماشية وكلب الزرع على حجّة سوى ما حكاه في المصابيح (١) من عدّة روايات غير دالّة عليه أصلاً ، مثل ما عن الكافي في الصحيح عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : «لا خير في الكلاب إلّا كلب صيد أو كلب ماشية» (٢).
وما في التذكرة (٣) وعن المنتهى (٤) من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من اتّخذ كلباً إلّا كلب ماشية أو زرع أو صيد نقص من أجره كلّ يوم قيراط» (٥).
والمرويّ عن غوالي اللآلئ في حديث «إنّ جبرئيل نزل إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فوقف بالباب واستأذن ، فأذن له فلم يدخل ، فخرج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : ما لك؟ فقال : إنّا معاشر الملائكة لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة فنظروا فإذا في بعض بيوتهم كلب فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا أدع كلباً إلّا قتلته ، فهربت الكلاب حتّى بلغت العوالي فقيل : يا رسول الله كيف الصيد بها وقد أمرت بقتلها؟ فسكت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فجاء الوحي باقتناء الكلاب
__________________
(١) مصابيح الأحكام : ١١.
(٢) الوسائل ١١ : ٥٣٠ / ٢ ، ب ٤٣ أحكام الدوابّ ، الكافي ٦ : ٥٥٢ / ٤.
(٣) التذكرة ١٠ : ٣٠.
(٤) المنتهى ٢ : ١٠٠٩.
(٥) صحيح مسلم ٣ : ١٢٠٣ / ٥٨ ، المغني ٤ : ٣٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦.