إرادتهما من اللفظ على البدل بالمعنى المقرّر في الاصول ، وكلّ موضع منع ، أمّا الاولى : فلظهور كون لفظ النجس بحسب العرف الكاشف عن صدر اللغة لما يعمّ الذاتيّة والعرضيّة ولذا جعله في القاموس مع مرادفاته «كالنَّجس بالفتح فالسكون والنجسْ بالكسر فالسكون والنجَس بفتحتين والنجس بالفتح والضمّ ضدّ الطاهر» (١) والظاهر أنّ الطاهر هو الذات المتّصفة بالطهارة ، فالنجس هو الذات المتّصفة بالنجاسة وهذا معنى عامّ. وأمّا الثانية : فلجواز كون المراد هذا المعنى العامّ الجامع بين المعنيين من باب عموم المجاز ، وعلى أيّ حال كان فجهات الكلام في الأعيان النجسة كثيرة ، فيتكلّم تارةً في جواز التكسّب بها بجعلها أعواضاً في عقود المعاوضة وغير [ها] ممّا يلحق بها وعدمه ، واخرى في جواز المعاملة عليها بغير التعويض وعدمه ، وثالثة في جواز الانتفاع بها وعدمه ، ورابعة في تملّك المسلم لها على معنى دخولها في ملكه بشيء من الأسباب المملّكة وعدمه ، وحيث بنينا على المنع في جميع الجهات كان ذلك المنع على وجه القاعدة الكلّيّة ، وهي قابلة للتخصيص فنتبعها بالتعرّض لبيان ورود تخصيص على القاعدة في الأحكام المذكورة وعدمه ، وبيان ما خرج بالتخصيص وتعيين القدر المخرج على تقدير ثبوت التخصيص.
أمّا الجهة الاولى : فالمعروف المشهور بين الأصحاب شهرة محكيّة ومحقّقة عظيمة قريبة من الإجماع عدم جواز التكسّب بها مطلقاً ، على معنى تحريم المعاوضة بل مطلق المعاملة عليها بحيث يستحقّ العقوبة عليها وإن فرض لها نفع محلّل مقصود للعقلاء ، كما هو قضيّة إطلاقهم المنع بل هو المصرّح به في كلام السيّد رحمهالله في المصابيح (٢) مع دعوى الإجماع عليه. ولم نقف من الأصحاب على قائل بالجواز بقول مطلق ولا على نقله. نعم عن المحدّث الكاشاني (٣) القول بالجواز إن اشتملت على منفعة محلّلة ، وعن المقدّس الأردبيلي (٤) والفاضل الخراساني (٥) في الكفاية الميل إليه ، وزيّفه السيّد المتقدّم بأنّه شاذّ ضعيف ، ووجهه سبق إجماع الأصحاب على ظهور هذا الخلاف.
__________________
(١) القاموس المحيط ٢ : ٢٥٣ (نجس).
(٢) المصابيح : ٤.
(٣) المفاتيح ٣ : ٥١.
(٤) مجمع الفائدة ٨ : ٢٨.
(٥) الكفاية : ٢٥٢.