وهما راجعان إلى القول المشهور.
فصار المحصّل أنّه لا خلاف لأحد في عدم جواز بيعه وشرائه في الأكل والشرب المحرّمين حال النجاسة.
وأمّا بيعه وشراؤه في الانتفاعات الاخر المباحة أو في الأكل والشرب المقصودين بعد التطهير ولو بالطريق المذكور فلم يتبيّن إنكار جوازه من أحد ، والمعتمد على ما بيّنّاه هو الجواز ، للأصل بمعنى استصحاب الحالة السابقة ، وعموم أدلّة الصحّة في جميع عقود المعاوضة من نحو قوله تعالى : «أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» (١) و «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (٢) وما أشبه ذلك.
وليس للقول بالمنع مطلقاً إن كان إلّا ما أشار إليه السيّد في الرياض من العمومات المتقدّمة المانعة عن بيع النجس المعربة عن تحريم ثمن ما حرّم أصله (٣) مضافاً إلى الإجماعات المنقولة الّتي حكاها عن الغنية (٤) والمنتهى (٥) والمسالك (٦) وغيرها. ولم يتقدّم في كلامه صريحاً من العمومات ممّا يمكن التمسّك بعمومه للمقام إلّا أمران :
أحدهما : ما نقله من الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام من قوله : «اعلم رحمك الله أنّ كلّ مأمور به على العباد وقوام لهم في امورهم من وجوه الصلاح الّذي لا يقيمهم غيره ـ ممّا يأكلون ويشربون ويلبسون وينكحون ويملكون ويستعملون ـ فهذا كلّه حلال بيعه وشراؤه وهبته وعاريته ، وكلّ أمر يكون فيه الفساد ممّا قد نهى عنه من جهة أكله وشربه ولبسه ونكاحه وإمساكه بوجه الفساد مثل الميتة والدم ولحم الخنزير والربا وجميع الفواحش ولحوم السباع والخمر وما أشبه ذلك فحرام ضارّ للجسم» (٧).
وثانيهما : قوله في رواية تحف العقول : «أو شيء من وجوه النجس» مع التعليل بأنّ ذلك كلّه منهيّ عن أكله وشربه ... الخ.
ويمكن أن يضاف إليهما عمومات اخر وإن لم يذكرها في صريح العبارة :
أحدها : ما في رواية تحف العقول قبل الفقرة المذكورة من قوله : «وأمّا وجوه الحرام من البيع والشراء فكلّ أمر يكون فيه الفساد ممّا هو منهيّ عنه من جهة أكله أو شربه أو لبسه ... الخ».
__________________
(١) البقرة : ١١٨.
(٢) المائدة : ١.
(٣) الرياض ٨ : ١٣٧.
(٤) الغنية : ٢١٣. (٥) المنتهى ٢ : ١٠١٠.
(٦) المسالك ٣ : ١١٩. (٧) فقه الرضا عليهالسلام : ٢٥٠.