وثانيها : ما في خبر دعائم الإسلام من قوله عليهالسلام : «وما كان محرّماً أصله منهيّاً عنه لم يجز بيعه ولا شراؤه» (١).
وثالثها : الخبر النبويّ «إنّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه» (٢).
وأنت خبير بأنّ ليس شيء منها بشيء ، أمّا الرضوي فالقدح في سنده لكون الكتاب المذكور غير ثابت الحجّيّة لعدم ثبوت كونه من الإمام عليهالسلام أوّلاً ومنع دلالته ثانياً. وسند المنع وجوه :
الأوّل : أنّ قوله : «فحرام ضارّ للجسم» لا يفيد تحريم بيع الأشياء المذكورة لظهوره في تحريمها باعتبار كونه خبراً لكلّ أمر يكون فيه الفساد ، فالحرام حينئذٍ أكل ما نهي عنه من جهة أكله ، وشرب ما نهى عنه من جهة شربه ، ولبس ما نهي عنه من جهة لبسه وهكذا ، وجعله متعلّقاً بالبيع والشراء يحتاج إلى إضمار وتقدير ينفيه الأصل ، وظهور السياق بقرينة الفقرة الاولى الّتي متعلّق الحلّية فيها البيع والشراء وإن كان يقرب احتمال الإضمار والتقدير إلّا أنّه يبعّده امور :
منها : وصف ضارّ للجسم فإنّه بظاهر العبارة صفة لقوله : «حرام» ولا يتصوّر كون الضارّ للجسم بيع الأشياء المذكورة بل الضارّ أكلها وشربها ولبسها ونكاحها ، إلّا أن يرجع الوصف إلى كلّ أمر يكون فيه الفساد على طريقة الخبر بعد الخبر بإسقاط العاطف ، وهو خلاف ظاهر سقوط العاطف.
ومنها : قوله فيما سبق : «نكاحه» فإنّ المنهيّ عنه من جهة نكاحه إنّما هو المحارم ونحوه ذات البعل وذات العدّة ، والحرام إنّما هو نكاحهنّ ولا يعقل لحرمة بيع نكاحهنّ معنى.
ومنها : قوله : «والربا» فإنّ الربا هو بيع الجنس بمثله مع زيادة ، ولا معنى لحرمة بيع الجنس بمثله مع زيادة إلّا أن يجرّد الربا عن معنى البيع واكتفى فيه بالزيادة ، وهو تكلّف آخر.
ومنها : قوله : «جميع الفواحش» فإنّ الفواحش بظاهرها من القمار والزنا واللواط والغناء وغيرها من القبائح ، لا معنى لحرمة بيعها.
الثاني : ظهور الرواية بملاحظة الأمثلة المذكورة ـ على تقدير تسليم تعلّق الحرمة
__________________
(١) دعائم الإسلام ٢ : ١٨ / ٢٣.
(٢) عوالي اللآلي ٢ : ١١٠ / ٣٠١.