ما ثبت جوازه بالدليل كالاستصباح بالدهن تحت السماء؟ قولان.
نسب ثانيهما إلى جماعة من القدماء كالشيخين في المقنعة (١) والمبسوط (٢) والنهاية (٣) والخلاف (٤) والسيّدين في الانتصار (٥) والغنية (٦) والحلّي في السرائر (٧) ونسب اختياره من الأواخر إلى مفتاح الكرامة (٨) ويظهر اختياره من شيخنا في الجواهر (٩).
وربّما توهّم من عبارة الانتصار والخلاف والغنية دعوى الإجماع عليه ، ففي الأوّل «وممّا انفردت به الإماميّة أنّ كلّ طعام عالجه أهل الكتاب ومن ثبت كفرهم بدليل قاطع لا يجوز أكله ولا الانتفاع به ، واختلف باقي الفقهاء في ذلك وقد دللنا على ذلك في كتاب الطهارة حيث دللنا على أنّ سؤر الكفّار نجس» (١٠). وعن الثاني «في حكم السمن والبذر والشيرج والزيت إذا وقعت فيه فارة أنّه جاز الاستصباح به ولا يجوز أكله ولا الانتفاع به بغير الاستصباح ولا غيره بل يراق كالخمر ، وقال أبو حنيفة : يستصبح به ويباع لذلك ، وقال ابن داود : إن كان المائع سمناً لم ينتفع به ، وإن كان غيره من الأدهان لم ينجّس بموت الفارة فيه ويحلّ أكله وشربه ، دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم» (١١). وفي الثالث عبارته المتقدّمة في مبحث المضاف المتنجّس (١٢).
والقول الثاني (١٣) منسوب إلى أكثر المتأخّرين (١٤) واختاره بعض مشايخنا (١٥) قدسسره ونعني من الأصل ما يتردّد بين الاصول العمليّة والقاعدة المستنبطة عن الأدلّة. والأقوى هو القول الثاني ١٦ استصحاباً للحالة السابقة ولأصالة الحلّ والجواز ، وقاعدة عموم الانتفاع بما خلق في الأرض ، ولا وارد على الأوّلين كما لا حاكم على القاعدة من
__________________
(١) المقنعة : ٥٨٢.
(٢) المبسوط ١ : ٥ و ٦. (٣) النهاية : ٥٨٨.
(٤) الخلاف : كتاب الأطعمة المسألة ١٩.
(٥) الانتصار : ٤٠٩. (٦) الغنية : ٢١٣. (٧) السرائر ٣ : ١٢١ ـ ١٢٢.
(٨) مفتاح الكرامة ٤ : ١٣ و ٢٤.
(٩) الجواهر ٢٢ : ١٥. (١٠) الانتصار : ٤٠٩.
(١١) الخلاف ٢ : ٥٤٤ كتاب الأطعمة.
(١٢) الغنية : ٢١٣.
(١٣ و ١٦) كذا في الأصل ، والصواب : القول الأوّل.
(١٤) كما في المعتبر ١ : ١٠٥ ، القواعد ١ : ١٨٩ ، الإرشاد ١ : ٢٣٨ ، الذكرى : ١٤ ، حاشية الإرشاد : ٢٠٣ ، المسالك ٣ : ١١٩.
(١٥) المكاسب للشيخ الأنصاري ١ : ٩١.