وأمّا الروايات فعامّها خبر تحف العقول حيث قال : «أو شيء من وجوه» وبعقيبه بقوله : «فجميع تقلّبه في ذلك حرام» وهذا عامّ في جميع الاستعمالات ، وقد ظهر ضعفه مراراً فإنّ الدهن المتنجّس وغيره ليس عنواناً للنجاسة بحيث يكون النجاسة تابعة للذات وهو الظاهر من قوله : «أو شيء من وجوه النجس» والملاقي للنجس وإن كان عنواناً عامّاً والنجاسة فيه لكونها عرضيّة ليست تابعة للذات. وخاصّها الأخبار الجزئيّة الواردة في الموارد الخاصّة الآمرة جملة منها بإهراق المرق المتنجّس ونحوه ، وجملة منها بإلقاء النجاسة وما حولها وما تحتها وأكل الباقي من الدهن المتنجّس إذا كان جامداً ، وقد أوردنا نبذة من هذه الروايات في أبواب النجاسات من كتاب الطهارة.
والجواب عن الجميع : أنّ الأمر بالإهراق أو الإلقاء كناية عن عدم صلاحية المتنجّس للأكل ، وانتفاء فائدة الأكل فيه الّتي هي الفائدة المقصودة من المرق والسمن بقرينة مقابلة الأمر بأكل اللحم المطبوخ بعد غسله وأكل الباقي من السمن ، وهذه الكناية في نظائر المقام شائعة في استعمالات العرف. وممّا يشهد بذلك أنّ استعمال الدهن المتنجّس في الإسراج جائز بالنصّ والإجماع ، خصوصاً نفس الأخبار الآمرة بالإلقاء في الجامد المتضمّنة للأمر بالإسراج أو الاستصباح في الذائب. ولا يعقل كون الفرق بينهما بالجمود والذوبان مؤثّراً في الحكم ، مضافاً إلى الإجماع على عدم الفرق وإطلاق النصوص الاخر الآمرة بالاستصباح تحت السماء أو مطلقاً على ما ستعرفها.
وأمّا الإجماعات فيرد عليها : أنّ إجماع الانتصار ليس منقولاً على حرمة الانتفاع بقول مطلق ، وذلك لأنّ عبارة الانتصار في دعوى إجماع الإماميّة مسوقة لبيان ما هو محلّ الوفاق عند الإماميّة ومحلّ الخلاف بين العامّة ، وهو بدليل قوله حيث استدللنا على أنّ سؤر الكفّار نجس نجاسة ما باشره أهل الكتاب وعدمها واختلاف باقي الفقهاء يعني فقهاء العامّة إنّما هو في ذلك باعتبار الاختلاف في نجاسة أهل الكتاب ، فيكون محلّ الوفاق عند الإماميّة هو النجاسة لا غير ، وهي الّتي استدلّ عليها في كتاب الطهارة ، وادّعى عليها ثمّة إجماع الشيعة حيث قال : «وممّا انفردت به الإماميّة القول بنجاسة سؤر اليهودي والنصراني وكلّ كافر ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك ... إلى أن