في اختيار جواز الاستعمال في الانتفاعات الغير المشروطة بالطهارة.
وربّما يحتمل في إطلاقات القدماء بالمنع إرجاعها إلى الاستعمالات المشروطة بها أيضاً من الأكل والشرب وإطعام الغير والبيع في الأكل والشرب ، ولو لم يمكن إرجاعها إليها لكفى في وهن مختارهم مخالفة أكثر المتأخّرين ، مع عدم مساعدة دليل واضح عليه يكون وارداً على الاصول حاكماً على القاعدة ، فعليها المعوّل حتّى يثبت الصارف عنها.
الجهة الثالثة : في بيع الأدهان المتنجّسة ، وقد اختلف فيه الأصحاب إطلاقاً وتقييداً تعميماً وتخصيصاً بعد اتّفاقهم على الجواز في الجملة ، وأقوالهم في محلّ الخلاف محصّلة ومنقولة أربعة :
الأوّل : جواز بيع الدهن المتنجّس مطلقاً لفائدة الاستصباح تحت السماء ، وهو المشهور على ما في كلام جماعة من دعوى الشهرة فيه ، وقد ينسب إلى محكيّ الخلاف (١) والغنية (٢) وإيضاح النافع دعوى الإجماع عليه. ولم نقف على عبارة الخلاف وإيضاح النافع لننظر في مفادها ، ولكن نسبة دعواه في مطلق الدهن إلى الغنية وهم ، لأنّ معقد إجماع الغنية على ما سمعت من صريح عبارته المتقدّمة هو بيع الزيت النجس خاصّة.
الثاني : جواز بيعه لفائدة الاستصباح مطلقاً ولو تحت الأظلّة والسقوف ، وهو على ما حكي للشيخ والعلّامة في المبسوط (٣) والمختلف (٤). وحكي عن موضع من الخلاف (٥) أيضاً ، واختاره الشهيد الثاني في المسالك (٦) وعزي إلى الأردبيلي (٧) والخراساني (٨) وعن فخر المحقّقين في الإيضاح (٩) أنّه قوّاه ، وفي الرياض (١٠) عليه كثير من المتأخّرين.
الثالث : تخصيص الجواز بالزيت النجس لفائدة الاستصباح تحت السماء كما نسب إلى ظاهر كلام الشيخ (١١) وهو خيرة الغنية (١٢) على ما هو ظاهر عبارته المتقدّمة.
الرابع : جوازه في مطلق الدهن لمطلق الفوائد المحلّلة ممّا عدا الاستصباح من
__________________
(١) الخلاف : ٣ : ١٨٧.
(٢) الغنية : ٢١٣.
(٣) الخلاف ٦ : ٩٣ المسألة ٢٠.
(٤) المختلف ٨ : ٣٣١. (٥) الخلاف ٦ : ٩٣ المسألة ٢٠.
(٦) المسالك ٣ : ١١٩. (٧) مجمع الفائدة ٨ : ٣٥.
(٨) الكفاية : ٨٥. (٩) الإيضاح ٤ : ١٥٦.
(١٠) الرياض ٨ : ١٣٧. (١١) المبسوط ٢ : ١٦٧.
(١٢) الغنية : ٢١٣.