غيرها. وربّما احتمل في هذه العبارات رجوع التعليل إلى الجواز لا إلى البيع ، ومفاده حينئذٍ يجوز لأجل تحقّق فائدة الاستصباح في هذه الأدهان بيعها.
وبالجملة فائدة الاستصباح علّة مجوّزة لبيع الأدهان المتنجّسة ، لا أنّها غاية مقصودة من بيعها. ويمكن منع ظهور اشتراط القصد من العبارة على تقدير كونها غاية للبيع ، فإنّ كون شيء غاية مقصودة من فعل بنوعه لا يقضي باشتراط قصده حال مباشرة ذلك الفعل.
وثالثها إلى صريح جماعة (١) وهو الموافق للأصل والقاعدة ، فإنّ الأصل في كلّما يشكّ في كونه شرطاً في عبادة أو معاملة عدم الشرطيّة ، وقد حقّقنا سابقاً في مسألة بيع ما لو اشتمل على منفعتين محلّلة ومحرّمة ، أنّ قصد المنفعة المحرّمة مانع من صحّة البيع ، لا أنّ قصد المنفعة المحلّلة شرط في الصحّة. وهذه القاعدة فيما نحن فيه تساعد على عدم اشتراط الصحّة بقصدهما ، ومدركها عمومات صحّة البيع أجناساً وأنواعاً ، فإنّها يقتضي الصحّة في جميع الصور من قصد المنفعة المحرّمة وقصد المنفعة المحلّلة وعدم قصد شيء منهما ، إلّا انّه خرج منها الصورة الاولى وبقى الباقي ومنه الصورة الثالثة.
وينبغي الرجوع إلى الأخبار المتقدّمة لينظر أنّه هل يستفاد منها ما يوجب الخروج عن الأصل والقاعدة أولا؟ وقد عرفت أنّ في خبر منها قوله عليهالسلام : «تبيعه وتبيّنه لمن اشتراه ليستصبح به» وفي آخر «بعه وبيّنه لمن اشتراه ليستصبح به» وفي ثالث «وأعلمهم إذا بعته» وفي رابع «لا تبعه إلّا لمن تبيّن له فيبتاع للسراج».
والأوّلان لا يدلّان إلّا على وجوب إعلام النجاسة وعلى كون فائدة الاستصباح غاية مقصودة من الإعلام ، وإطلاق الأمر بالإعلام يتناول ما لو كان الإعلام قبل البيع أو بعده أو حينه ، فلا دلالة فيهما على اعتبار اشتراط الاستصباح في ضمن العقد ولا قصدهما إيّاه.
والثالث لا يدلّ إلّا على وجوب الإعلام وقت صدور البيع ، وهذا أيضاً بإطلاقه يتناول أثناء البيع وما بعده بل ما قبله أيضاً في تقدير ، ولا دلالة فيه على اعتبار فائدة الاستصباح فضلاً عن جعلها شرطاً في ضمن العقد صريحاً أو قصدهما لها حينه.
__________________
(١) حكاه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ١٢ : ٨٠ عن استاذه ، الكفاية : ٨٥ ، الحدائق ١٨ : ٩٠.