وأمّا الرابع فهو وإن كان في بادئ النظر يوهم اشتراط القصد لمكان قوله : «فيبتاع للسراج» إلّا أنّ دقيق النظر يساعد على خلافه ، لأنّه يفيد كون الابتياع للسراج متفرّعاً على التبيين والإعلام فيكون غاية مقصودة من الإعلام ، ولا يلزم من ذلك شرط الإسراج ولا قصده في ضمن العقد ، مع قوّة احتمال كون مدخول اللام علّة للجواز المستفاد من جملة «يبتاع» يعني فيجوز له لأجل السراج أن يبتاعه ، مع أنّ الكلام في اعتبار قصد البائع والمشتري معاً لا قصد المشتري ، مع أنّ كونه غاية للابتياع يفيد كونه الباعث عليه الداعي إليه ، ولا يفيد اعتبار حصول القصد منه حال وقوع الابتياع كما هو واضح.
لا يقال : إنّ ما تقدّم من الخلاف من إجماع الفرقة يدلّ على اعتبار القصد ، لأنّه ظاهر في دعوى الإجماع على أصل جواز البيع لا على اشتراط قصد الاستصباح ، هذا مع ما عرفت من احتمال بل ظهور رجوع العلّة إلى الجواز فيكون علّة مجوّزة للبيع من دون دلالة فيه على كون قصده شرطاً في صحّته.
الثالث : هل يجب على البائع إعلام المشتري لنجاسة الدهن إن كان جاهلاً أو لا؟ وعلى الأوّل فهل هو واجب نفسي من باب وجوب إرشاد الجاهل وتنبيه الغافل ولو في موضوع الحكم الشرعي ، أو واجب شرطي على معنى كون الإعلام نفسه شرطاً لجواز البيع وإباحته كما يقال يجب الوضوء لمسّ كتابة القرآن ، أو على معنى كونه مقدّمة لإحراز علم المشتري وهو شرط لصحّة البيع ، أو مقدّمة لإحراز شرط البائع على المشتري فائدة الاستصباح ، أو مقدّمة لإحراز قصدهما لتلك الفائدة وهو شرط؟ وجوه واحتمالات :
أوجهها وأجودها الوجوب النفسي وفاقاً لجماعة منهم المحقّق الأردبيلي (١) مدّعياً لظهور اتّفاق الفقهاء على الوجوب النفسي فيصحّ البيع بدون الإعلام ، غاية الأمر أن يثبت للمشتري خيار بعد علمه بالنجاسة لكتمان النجاسة الّتي هي عيب في المبيع على ما هو القاعدة المقرّرة في كتمان العيب. وقد يقال بكون الإعلام نفسه شرطاً في جواز البيع تكليفاً ووضعاً.
__________________
(١) مجمع الفائدة ٨ : ٣٨.