فنقول : أخصّ صور هذه الأشياء ما كان منها بحيث لا يمكن الانتفاع بها في غير الوجه المحرّم ولم يكن لمكسورتها قيمة ، فالمعروف من مذهب الأصحاب تحريم التكسّب بها بلا خلاف نعرف بل الإجماع بقسميه على ما في كلام بعض مشايخنا لأنّه القدر المتيقّن من معاقد فتاوي الأصحاب وإجماعاتهم المنقولة ، وفي الرياض (١) «بإجماعنا المستفيض النقل في كلام جماعة من أصحابنا» (٢) وإن كان قد يناقش في دعواه الاستفاضة.
وكيف كان فالعمدة من دليل المسألة العمومات مثل ما في رواية تحف العقول من قوله عليهالسلام : «أمّا وجوه الحرام من البيع والشراء فكلّ أمر يكون فيه الفساد ممّا هو منهيّ عنه من جهة أكله وشربه أو كسبه أو نكاحه أو ملكه أو إمساكه أو هبته أو عاريته ...» الخ بناءً على أنّ العبرة بعموم اللفظ لا خصوص المثال ، ولا ريب في تناول كلّ أمر يكون فيه الفساد للأشياء المذكورة وخصوص المثال لا يخصّصه فلا يقدح عدم ذكر اللهو والعبادة المبتدعة والمقامرة في عداد الأمثلة المذكورة. وقوله أيضاً : «أو شيء يكون فيه وجه من وجوه الفساد ...» الخ والكلام فيه أيضاً كسابقه. وقوله عليهالسلام أيضاً : «وكذلك كلّ مبيع ملهوّ به وكلّ منهيّ عنه ممّا يتقرّب به لغير الله عزوجل» وهذا كالنصّ في محلّ البحث. وقوله عليهالسلام : «وذلك إنّما حرّم الله الصناعة الّتي هي حرام كلّها ممّا يجيء منها الفساد محضاً ، نظير البرابط والمزامير والشطرنج وكلّ ملهوّ به والصلبان والأصنام وما أشبه ذلك من صناعات الأشربة المحرّمة ، وما يكون منه وفيه الفساد محضاً ، ولا يكون منه ولا فيه شيء من وجوه الصلاح ، فحرام تعليمه وتعلّمه والعمل به وأخذ الاجرة عليه وجميع التقلّب فيه من جميع وجوه الحركات ...» الخ ، لوضوح اندراج التكسّب بها بجميع أنواعه في عموم جميع التقلّب وجميع وجوه الحركات.
وما في رواية دعائم الإسلام من قوله عليهالسلام : «وما كان محرّماً أصله منهيّاً عنه لم يجز بيعه ولا شراؤه».
__________________
(١) الرياض ٨ : ١٤٠.
(٢) كما في المنتهى ٢ : ١٠١١ ، مجمع الفائدة ٨ : ٤١ ، الحدائق ١٨ : ٢٠٠.