لأنّا [نقول] : إنّ هذا يعارضه قوله عليهالسلام : «وكلّ مبيع ملهوّ به وكلّ منهيّ عنه ...» الخ فإنّه أيضاً يتناولها من حيث قصد بوضعها اللهو أو العبادة لغير الله عزوجل للنهي عنهما المقصودين من وضعها ، وبينهما عموم من وجه فيتعارضان في الهيئة المشتركة ، لقضاء الأوّل جواز البيع والشراء وغيرها من سائر التصرّفات ، والثاني تحريمهما وتحريم غيرهما من سائر التقلّبات حتّى الإمساك من غير استعمال في اللهو والعبادة ، ويقدّم الثاني لأظهريّة دلالته خصوصاً بملاحظة الاستثناء القاضي بدخول جميع ما عدا المستثنى في المستثنى [منه] ويؤكّده التصريح بتحريم الإمساك المنافي لتجويز البيع في الجهة المحلّلة بل ... تجويز الاستعمال في تلك الجهة لاستلزامهما الإمساك المحرّم ، وبذلك يمكن أن يستدلّ على وجوب هدم الهيئة مطلقاً وكونه فوريّاً. وبهذا كلّه يمكن أن يستدلّ على أنّ هذه الآلات بأسرها ليس فيها منفعة محلّلة يجوز بيعها أو استعمالها في تلك المنفعة.
فالحقّ أنّ هذه الفقرة من الرواية كالفقرة الاخرى المتضمّنة لقوله عليهالسلام : «وما يكون منه وفيه الفساد محضاً ، ولا يكون منه ولا فيه شيء من وجوه الصلاح فحرام تعليمه وتعلّمه والعمل به وأخذ الاجرة عليه وجميع التقلّب فيه من جميع وجوه الحركات ...» الخ ظاهرة كالصريحة في تحريم جميع المنافع المقصودة من هذه الآلات والأدوات والفوائد الغير المقصودة من دون استثناء شيء إلّا ما دعا إليه الضرورة.
ويدلّ عليه التشبيه بالميتة في خبر أبي بصير والمرسل المتقدّمين لأنّ هذا هو حكم المشبّه به ، ويؤيّده الوجه الاعتباري الّذي سنذكره في بعض فروع ما كان لمكسورته قيمة ، ولعلّه لذا أطلق الأصحاب المنع من بيعها ، وظاهر عبارة المسالك إجماعهم عليه حيث قال : «ومن ثمّ أطلقوا المنع من بيعها» (١) حتّى أنّه نفى البعد عن الجواز فيما أمكن الانتفاع بها في غير الوجه الحرام من غير جزم به ، ولعلّه للتشكيك في تحقّق هذا المفروض فيما بينها فليتدبّر.
المسألة الثانية : فيما لو كان لمكسورها قيمة كما لو كانت متّخذة من ذهب أو فضّة
__________________
(١) المسالك ٣ : ١٢٢.