المجالس ، ولذا اختار جماعة (١) من مشايخنا قدّس الله أرواحهم التحريم هنا أيضاً لبنائهم على تحريم جميع الاستعمالات حتّى الاقتناء ، كما هو الأقوى وفاقاً للمشهور بل عن كشف الرموز (٢) نفي الخلاف فيه وعن التذكرة (٣) وغيره الإجماع عليه ، خلافاً لجماعة منهم المسالك (٤) كما عرفت فخصّوا تحريم الاستعمال بالأكل والشرب.
ومن مشايخنا من بنى تحريم المعاوضة عليها على أحد الأمرين : من تحريم اقتنائها ، أو قصد المعاوضة على مجموع الهيئة والمادّة لا المادّة فقط (٥).
ويظهر منه أنّه لو قصدها مع عدم تحريم الاقتناء على المادّة فقط لم تكن محرّمة ، وحيث إنّ المختار تحريم جميع الاستعمالات حتّى الاقتناء اتّجه تحريم المعاوضة عليها مطلقاً ، لعدّة من العمومات الواردة في رواية التحف ، وعموم قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في النبويّ : «إنّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه» بناءً على تعليقه تحريم الثمن الملازم لتحريم المبايعة على تحريم جميع منافع الشيء أو منافعه الغالبة ، ونحوه قوله عليهالسلام في رواية الدعائم : «وما كان محرّماً أصله منهيّاً عنه لم يجز بيعه ولا شراؤه» وقضيّة حرمة جميع الاستعمالات حتّى الاقتناء وجوب كسرها وإخراجها عن هيئة الإنائيّة فوراً.
المسألة الثانية : في الدراهم والدنانير المغشوشة ، ولها حالتان :
إحداهما : كونها معلومة الصرف ، وهو على ما فسّرها في المسالك وغيره «كونها متداولة بين الناس مع علمهم بحالها» (٦) على معنى كونها رائجة في معاملاتهم ومعاوضاتهم مع وضوح كونها مغشوشة لديهم ، وهذا ممّا لا إشكال في جواز إخراجها وإنفاقها والمعاوضة عليها سواء جعلت أعواضاً أو معوّضات بل لا خلاف فيه أجده.
وفي كلام بعض مشايخنا بل يمكن تحصيل الإجماع عليه فضلاً عن محكيّه ، بل هو معلوم بالسيرة القطعيّة ، ومدلول عليه بالأخبار المستفيضة الّتي يقف عليها من يراجع مظانّها.
واخراهما : كونها مجهولة الصرف بالمعنى المذكور ، وهذا ممّا صرّحوا بعدم جواز
__________________
(١) كما في الجواهر ٢٢ : ٢٦.
(٢) كشف الرموز ١ : ١١٨.
(٣) التذكرة ٢ : ٢٢٦.
(٤) المسالك ٣ : ١٢٣.
(٥) المكاسب للشيخ الأنصاري ١ : ١١٨.
(٦) المسالك ٣ : ٣٣٨.