وتندفع بشيوع التعبير في أخبار أهل بيت العصمة ولا سيّما في أسئلتها عن الحال أو المستقبل بصيغة المضيّ ، وبوجود القرينة في خصوص المقام على إرادة السؤال عن الواقعة على فرض وقوعها ، وهو قوله : «ممّن يتّخذه» فإنّه أظهر في المستقبل من قوله : «فباعه» في المضيّ ، ومن ثمّ لم يتأمّل أحد فيها من هذه الجهة.
ولا يقدح في التمسّك بها تدافع ما بين موضع الدلالة وسابقه من حيث إنّ الأصحاب لا يفرّقون في المنع والتحريم في بيع الخشب بين بيعه ممّن يتّخذه برابط وبيعه ممّن يتّخذه صلباناً.
وقد صرّح بعدم البأس فيه مع إمكان التوفيق بينهما بأحد وجوه ، أجودها حمل نفي البأس على التقيّة ، نظراً إلى أنّها وردت في عهد خلفاء الجور المستحلّين للملاهي بالبرابط والعودان والمزامير وغيرها من آلات اللهو المنهمكين عليها ، فكان المنع من اتّخاذ الخشب لعملها وعن بيعه ممّن يتّخذه لعملها موضع خوف وتقيّة ، خصوصاً مع كون الرواية مكاتبة يسرع إليها الإشاعة ، بخلاف المنع من اتّخاذه للصليب والصنم والبيع لعمله فإنّه لم يكن بتلك المثابة.
وقد يحتمل للتوفيق عود ضمير «يتّخذه» إلى جنس الخشب على طريقة الاستخدام لا شخص المبيع أو كون البائع علم بكون المشتري إنّما اتّخذه لهذا العمل بعد البيع ، ووحدة السياق يبعّدهما جزماً.
ثمّ إنّ الخبرين كما ترى مختصّان ببيع الخشب ، والتعدّي عنه إلى بيع العنب بحيث يخرج عن القياس المحرّم مشكل.
وتوهّم : تنقيح المناط بدعوى أنّه يظهر من النصّ أنّ العلّة في منع البيع صرف المبيع في المنفعة المحرّمة الساقطة عن نظر الشارع ، ونقطع أنّ الفارق وهو خصوصيّة الخشبيّة ملغى في نظر الشارع ولا تأثير له في الحكم.
يدفعه : أنّ هذا المناط ممّا لا منقّح له ، والقطع بكون الفارق ملغى ممّا لا موجب له ، خصوصاً مع ملاحظة أنّ الغاية المطلوبة من اتّخاذ الصنم والصليب إنّما هو العبادة لغير الله ، وهو أشدّ قبحاً وأعظم مفسدة من الغاية المطلوبة من اتّخاذ الخمر وهو شربها ولعلّه