الفارق بين الأصل والفرع ، فدعوى تنقيح المناط في غاية البعد.
نعم لو استند للتعدّي إلى الإجماع المركّب وعدم القول بالفصل نظراً إلى ظاهر عبارات جماعة حيث نراهم يذكرون المسألتين بعنوان واحد ويتمسّكون لهما بالخبرين ، لم يكن بذلك البعيد ، إلّا أنّ الإجماع على عدم الفرق ليس بمقطوع به ، وغايته الظنّ خصوصاً مع الالتفات إلى ما قد يحتمل في وجه الجمع بين الخبرين وغيرهما من الأخبار المصرّحة بجواز بيع العنب أو العصير ممّن يعلم أنّه يجعله خمراً من العمل بهما في بيع الخشب بالأخبار المجوّزة في بيع العنب.
ثمّ إنّه قد يمنع دلالة الخبرين على المنع والتحريم فيما عدا الصورة الأخيرة بل مطلقاً ، فإنّ حملها على صورة الاشتراط أو هو مع المواطاة أو هما مع القصد منهما أو من البائع فقط بعيد. بل في غاية البعد ، إذ لا غرض للمسلم في بيع ماله على هذا الوجه أصلاً خصوصاً إذا كان عدلاً أو ثقة فكيف يجوز على مسلم عدل أنّه أراد البيع على هذا الوجه ثمّ يجيء إلى إمامه ليسأله عن حكمه جوازاً وتحريماً. ولو قيل بأنّ الخبرين يحملان حينئذٍ على الصورة الأخيرة ثمّ يستدلّ بهما على حكم ما عداها أيضاً باعتبار الفحوى.
وردّ عليه أنّه إنّما يستقيم لو سلّم دلالتهما على المنع والتحريم بالنسبة إلى هذه الصورة لأنّهما معارضان بما هو أقوى وأصرح دلالة منهما من الأخبار المجوّزة لبيع العنب أو العصير ممّن يعلم أنّه يجعله خمراً أو مسكراً ، وحملهما على الكراهة كما هو المشهور في حكم البيع ممّن يعلم أنّه يجعله خمراً وهو الأقوى على ما ستعرف ففي نهوض الخبرين حينئذٍ بحكم مسألتنا غاية الإشكال ، إلّا أن يقال بأنّ المناقشة المذكورة مع أنّ مبناها على الاستبعاد مختصّة بمعتبرة عمرو بن حريث ولا تجري في صحيحة عمر بن اذينة كما لا يخفى ، وهذا كافٍ في إنهاض الدليل على حكم المسألة بالخصوص فتأمّل.
ثمّ إنّ حكم المسألة يجري في بيع كلّ ذي منفعة محلّلة على أن يصرف في المنفعة المحرّمة بإحدى الصور الأربع المذكورة ، لعموم القواعد المشار إليها ، مضافاً إلى القاعدة