والثالث : حملهما على صورة العلم وحملها على البواقي ، وعليه مبنى قول العلّامة وإن لم يصرّح به في المختلف.
والرابع : حملهما على صورتي العلم والظنّ وحملها على ما عداهما ، كما عليه مبنى خيرة المسالك والروضة.
والأقوى الأوّل وفاقاً للمشهور ، لاعتضاده بعمل المعظم ، مع أنّ له شاهداً في روايات الباب وهو صحيح الحلبي المتقدّم لمكان قوله عليهالسلام : «بعه ممّن يطبخه أو يصنعه خلّاً أحبّ إليّ ولا أرى بالأوّل بأساً» (١) ويضعّف البواقي بذلك ، مضافاً إلى عدم شاهد عليها ، مع أنّ الأوّل ممّا لا قائل به حتّى أنّ من ذكره فإنّما ذكره احتمالاً مع ما فيه من شبهة خرق الإجماع المركّب ، وأنّ الأخيرين يأباهما عدّة من النصوص المجوّزة لاختصاصها بصورة العلم المصرّح به فيها سؤالاً أو جواباً.
ولا مخالفة لما اخترناه من الجواز المطلق لعموم رواية تحف العقول ، لما بيّنّاه سابقاً من ظهورها بحكم التبادر أو غيره من الأدلّة الخارجيّة في بيع الشيء في وجه الفساد ، ولا يكون إلّا مع قصد الغاية المحرّمة ومفروض المسألة انتفاؤه. وتوهّم : أنّ علم البائع بحصولها من المشتري لا ينفكّ عن قصدها ، يندفع بمنع الملازمة لأنّ العلم المذكور يجامع قصد غاية اخرى كنقد المال ونحوه.
ولا لقاعدة حرمة الإعانة على الإثم ، لانتفاء القصد أيضاً الّذي لا يصدق معه الإعانة على إيجاد مقدّمة معصية الغير كما ذكرناه مراراً.
ولا لقاعدة وجوب النهي عن المنكر ، لمنع وجوبه فيما نحن فيه.
أمّا فيما عدا صورة العلم بأنّه يعمل العنب والخشب خمراً وصنماً وما أشبهه فلكون أدلّة وجوبه مخصوصة بصورة العلم بالتشاغل بالمنكر أو العزم والتهيّؤ له ، فلا يجب النهي مع الظنّ به ولا مع الشكّ فيه ولا الظنّ بالعدم ولا القطع به إجماعاً بل ضرورة من الدين.
وأمّا في صورة العلم فلأنّ من شروط وجوبه احتمال التأثير في الارتداع ، وهذا
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ٢٣١ / ٩ ، ب ٥٩ ما يكتسب به ، التهذيب ٧ : ١٣٧ / ٦٠٥.