الشرط منتف هنا ، فإنّ هذا البائع إذا ترك بيع متاعه لتوصّل إليه المشتري من غيره فلا يكون تركه علّة لتركه وإنّما يكون كذلك إذا انحصر المبيع فيه ، أو علم البائع أو احتمل بعدم قيام غيره ممّن عندهم جنس هذا المبيع بترك البيع ، وكلّ من هذين إنّما يتحقّق في فرض نادر لا يصلح مناطاً للحكم.
مع أنّه لو حرّم البيع في نحو هذه الصورة من باب النهي عن المنكر لزم سدّ [باب] المعاملات بأسرها مع سلاطين الجور وحكّام الجور والظلمة وأعوانهم والفسقة من الرجال والنسوان لمكان العلم التفصيلي أو الإجمالي بأنّهم يصرفون المبيع ـ من مأكول أو مشروب أو ملبوس أو نحو ذلك ـ في الملاهي والمعاصي والفسوق والقبائح ووجوه الظلم ، وهو خلاف الضرورة من الدين ، ويصادم السيرة من المسلمين الكاشفة عن التقرير ورضا المعصوم.
فلو كان في أدلّة وجوب النهي عن المنكر عموم بحيث يتناول المقام وجب تخصيصها بغيره. ومن هنا يعلم وجه الخروج عن قاعدة حرمة الأمر بالمنكر على معنى الحمل على المعصية لو فرض في أدلّة حرمته عموم يتناول المقام لقبولها التخصيص.
مضافاً إلى منع صدق الحمل على المعصية على البيع الحاصل لا بقصد الغاية المحرّمة من البائع ، فإنّ المصداق المشترك بين عنوانين قبيح وحسن محرّم ومباح لا يصرف إلى أحدهما إلّا إذا حصل بقصده ، ولذا لا يصدق عنوان الظلم على ضرب اليتيم المقصود به التأديب مثلاً.
ومن ذلك أيضاً يتطرّق المنع إلى مخالفته لقاعدة اللطف ، فإنّ البيع الغير المقصود به توصّل المشتري إلى المعصية لا يصدق عليه التقريب إلى المعصية ولا ترك التبعيد عن المعصية ، مضافاً إلى أنّ التقريب إلى المعصية كالحمل عليها من الأفعال المسندة إلى ذوي الاختيار بالتسبيب لا بالمباشرة ولا يصحّ إسنادها عرفاً إلى مع صدق عنوان السبب على البائع عرفاً وهو منوط بقصد الغاية المحرّمة ، هذا.
ثمّ إنّ الكراهة في هذا البيع مقصورة على صورة علم البائع ولا يثبت لغيرها خصوصاً صورة القطع بالعدم ، ودونه صورة الظنّ به ، ودونه صورة الشكّ ، وهو ظاهر