آجرتك داري على أن تعمل فيها الخمر ، أو دكّاني على أن تبيع فيه الخمر أو لحم الخنزير ، أو دابّتي على أن تحمل عليها الخمر ـ أو على وجه الشرطيّة ، أو على وجه التواطي والتوافق عليها قبل إجراء العقد ، أو بقصدها من المؤجر والمستأجر ، أو من المؤجر فقط. وإطلاق كلماتهم مع إطلاق معقد الإجماعين يعمّ الجميع.
ومدرك الحكم ـ بعد الإجماعين المعتضدين بظهور عدم الخلاف ، مضافاً إلى حرمة الإعانة على الإثم ووجوب النهي عن المنكر والردع عن المعصية وأنّ أخذ المال بإزاء المنفعة المحرّمة الساقطة في نظر الشارع والتصرّف فيه أكل للمال بالباطل ـ خبر جابر بالسند الجاري مجرى الصحيح بوقوع عبد الله بن مسكان مع انتهائه إليه صحيحاً قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يؤاجر بيته فيباع فيه الخمر؟ فقال : حرام اجرته» (١) وفي نسخة اخرى «حرام أجره».
وربّما توهّم معارضة صحيحة عمر بن اذينة قال : «كتبت إلى أبي عبد الله عليهالسلام أسأله عن الرجل يؤاجر سفينته أو دابّته ممّن يحمل فيها أو عليها الخمر والخنازير؟ قال : لا بأس له» (٢).
ولأجل ذا جمع الشيخ (٣) بينهما على ما حكي عنه بحمل الأوّل على من يعلم أنّه يباع فيه الخمر ، والثاني على من لا يعلم أنّه ما يحمل عليها.
ولعلّه أراد به الجمع التبرّعي دفعاً للمناقضة الظاهرة كما هو دأبه في التهذيبين لا الجمع الالتزامي على وجه يكون مناطاً للإفتاء والعمل ، وإلّا يرد عليه أنّه ممّا لا شاهد عليه مع افتقار نحو هذا الجمع إلى شاهدين.
وربّما وجّه بأنّ الأوّل نصّ فيمن يعلم وظاهر في غيره والثاني بعكس ذلك ، فيطرح ظاهر كلّ بنصّ الآخر. وفيه من التحكّم ما لا يخفى ، لمنع النصوصيّة في المقامين.
والوجه عندي أنّ الخبر الأوّل دليل تامّ على المسألة بجميع صورها ، لظهوره
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ١٧٤ / ١ ، ب ٣٩ ما يكتسب به ، التهذيب ٧ : ١٣٤ / ٥٩٣.
(٢) الوسائل ١٧ : ١٧٤ / ٢ ، ب ٣٩ ما يكتسب به ، التهذيب ٦ : ٣٧٢ / ١٠٧٨.
(٣) التهذيب ٧ : ١٣٤.