فيما جعل بيع الخمر عنواناً في الإجارة ومورداً للعقد لمكان الفاء في قوله : «فيباع فيه الخمر» فإنّه لا يلائم شيء من معانيها مورد السؤال إلّا كونها عاطفة من عطف مفصّل على مجمل على حدّ ما في قوله : «فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمّا كانا فِيهِ» (١) فإنّ المعطوف عليه أعني قوله «يؤاجر بيته» كأن يتضمّن جعل بيع الخمر عنواناً ولو في إرادة السائل وكان يدلّ عليه إجمالاً ، فذكر ما يفصّله بطريق العطف بالفاء واستظهر الإمام عليهالسلام هذا الاعتبار من السؤال بواسطة كلمة الفاء في المعطوف فذكر في الجواب «حرام اجرته» وإطلاقه من جهة ترك الاستفصال يعمّ جميع الصور المذكورة.
نعم يعارضه الصحيحة بظاهرها لاحتمالها إرادة إجارة السفينة أو الدابّة ممّن يحمل فيها أو عليها الخمر والخنازير على وجه جعل حمل الخمر والخنازير عنواناً فيها مورداً للعقد على وجه الركنيّة ، أو يشترط في ضمن العقد ، أو توافق قبل إجرائه ، أو في قصد المؤجر والمستأجر ، أو في قصد المؤجر فقط ، أو المستأجر كذلك. أو لم يجعل عنواناً ولكن كان الخمر أو الخنازير من جملة ما قصد حمله من الأمتعة على وجه علم به المؤجر ، أو قصد مطلق الحمل ، أو حمل ما يحلّ حمله من الأمتعة ولكن كان حمل الخمر أو الخنازير مقصوداً له من باب الغاية الداعية إلى الاستيجار من دون أن يكون مورداً للعقد ولا بعضاً منه وعلم به المؤجر ، أو كان في قصده ذلك وعلم به المؤجر بعد الإجارة لا حينه ، أو أنّه بدا له بعد الإجارة أن يحمل الخمر أو الخنازير من دون كونه مقصوداً له حين العقد.
ولكنّه ينهض مخصّصاً لها بحملها على الصور الأربع الأخيرة لكونه باعتبار أقلّيّة الصور المندرجة فيه أخصّ منها فيكون أظهر منها في العموم ، ومن الواجب تقديم الأظهر على الظاهر ، مضافاً إلى أنّه حاظر وهي مبيحة والحاظر مقدّم على المبيح ، وإلى اعتضاده بفهم الأصحاب وعملهم ، وبموافقة مضمونه الكتاب لآية «لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ» (٢) وبموافقته للقواعد العامّة المحكّمة حسبما تقدّم الإشارة إليها.
هذا ، ويدلّ عليه أيضاً ما في رواية تحف العقول من قوله عليهالسلام : «فأمّا وجوه الحرام
__________________
(١) البقرة : ٣٦.
(٢) البقرة : ١٨٨.