قصد الإعانة.
وما أبعد بينه وبين ما نسب إلى الشيخ النجفي في شرحه للقواعد (١) من التعدّي من السلاح إلى كلّ ما يتقوّى به الكفر من الأطعمة والأشربة والألبسة وغيرها ، فقال بتحريم بيع الكلّ من أعداء الدين من الكفّار والمشركين.
وقيل : لعلّ وجهه الإعانة على إثم الحرب مع المسلمين. فردّ بأنّ المعتبر في صدق الإعانة قصدها وحصول المعان عليه والشرط غير متحقّق هنا.
ويقوّى في النظر كون مستنده توهّم العموم من رواية تحف العقول حيث ذكر فيه «وكذلك كلّ مبيع ملهوّ به ، وكلّ منهيّ عنه ممّا يتقرّب به لغير الله عزوجل أو يقوى به الكفر والشرك أو باب يوهن به الحقّ فهو حرام محرّم بيعه وشراؤه وإمساكه وملكه وهبته وعاريته وجميع التقلّب فيه» فإنّ قوله : «باب يوهن به الحقّ» يعمّ ما ذكر.
ولكن يزيّفه أنّ هذا العموم ممّا لا عامل به من الأصحاب بل يشبه بكونه خلاف السيرة المستمرّة من عهد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وكلّ واحد من الأئمّة عليهمالسلام لاستقرارها على حمل المسلمين إلى الكفّار والمشركين وسائر أعداء الدين ما يعيشون به من الأطعمة والأشربة والألبسة وغيرها من غير نكير ولا ردع من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام مضافاً إلى أنّ في صحيح عليّ بن جعفر الآتي ما هو نصّ في الجواز.
وكيف كان فينبغي لاستعلام ما هو الحقّ من أقوال المسألة النظر في نصوصها ، وهي من المطلق والمقيّد منها عدّة روايات : مثل صحيح عليّ بن جعفر المرويّ عن كتاب مسائله وعن قرب الإسناد عن أخيه موسى عليهالسلام قال : «سألته عن حمل المسلمين إلى المشركين التجارة؟ قال : إذا لم يحملوا سلاحاً فلا بأس» (٢) وما رواه الصدوق بإسناده عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهمالسلام في وصيّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لعليّ عليهالسلام قال : «يا عليّ كفر بالله العظيم من هذه الامّة عشرة أصناف ... إلى أن قال : وبائع السلاح من أهل الحرب» (٣) وهذا كمفهوم الأوّل من جهة الإطلاق يعمّ حال الحرب وغيرها من حال
__________________
(١) شرح القواعد ١ : ١٦٢.
(٢) الوسائل ١٧ : ١٠٣ / ٦ ، ب ٨ ما يكتسب به ، مسائل عليّ بن جعفر : ١٧٦ / ٣٢٠.
(٣) الوسائل ١٧ : ١٣٠ / ٧ ، ب ٨ ما يكتسب به ، الفقيه ٤ : ٢٥٧ / ٨٢١.