عن الفائدة المطلوبة أي المقصودة من الشيء ولا بدّ له من طالب وقاصد وهو قد يكون الغالب من العقلاء وقد يكون البعض النادر منهم.
وبعبارة اخرى أنّ الفائدة الموجودة في الشيء إن كان ممّا يعتدّ به ويعتني إليه غالب العقلاء فهو النفع الغالب ، وإن كان بحيث لا يعتدّ ولا يعتني به إلّا البعض النادر منهم فهو النفع النادر ، والّذي يشهد بذلك كلّه أنّ الجميع على اختلاف عبائرهم مثّلوا للعنوان بالحشرات ، ومنهم من أضاف إليها فضلات الإنسان ، ومنهم من أضاف إليها جملة من المسوخ والسباع كلّها أو بعضها. ولذا ترى ما في كلام جماعة من منع جواز بيع القردة لفائدة حفظ المتاع تعليلاً بأنّه منفعة نادرة أي ندرة من يطلب هذه المنفعة من العقلاء ، ونحوه من منعه في دود القزّ لفائدة صيد السمك تعليلاً بالندرة. ومن ثمّ أيضاً قال العلّامة في التذكرة ـ بعد ما ذكر لما لا ينتفع به أمثلة من الحشرات ـ : «ولا اعتبار بما يورد في الخواصّ من منافعها ، فإنّها مع ذلك لا تعدّ مالاً» (١) فإنّ مراده أنّ هذه الخواصّ في الأشياء المذكورة منافع لا يقصدها العقلاء أي لا يعتني بها غالبهم بدليل أنّهم لا يعدّون هذه الأشياء مع هذه الخواصّ أموالاً حيث لا يعتبرون لها قيمة بل لا قيمة لها عندهم ولا يقابلون لها بالمال إلّا نادراً.
ولا ينافي ما ذكرناه ما قد يوجد في كلامهم من التمثيل لما لا ينتفع به بغير الحشرات كما في الشرائع (٢) حيث مثّل بالمسوخ برّيّة كانت أو بحرّية وبالسباع ، لأنّ هذا منه مبنيّ على كلام صغروي تتعرّض له فيما بعد ذلك إن شاء الله ، وهو أنّ المسوخ والسباع أيضاً كالحشرات ليس فيها منفعة غالبة مقصودة للعقلاء أوّلاً ، فما سمعت بناءً منه فيها على العدم.
وبالجملة محلّ المنع في هذا الباب الأشياء الّتي ليس فيها منفعة غالبة مقصودة للعقلاء وإن فرض في بعضها منفعة نادرة غير مقصودة لهم كالفضلات والحشرات من الحيوانات كالفار والعقارب والحيّات والخنافس والجعلان وبنات وردان (٣) والديدان
__________________
(١) التذكرة ١٠ : ٣٥.
(٢) الشرائع ٢ : ١٠.
(٣) ما يقال له بالفارسيّة سوسك ويكون في الحمّامات وبيوت التخلّي. منه.