والقنافذ واليرابيع والنمل والزنبور والبعوضة والبق والقمّل والبرغوث وما يلحق بها كالخفّاش الّذي يطير بالليل.
ويرجع الحكم عليها بعدم جواز التكسّب بها وعدم صحّة المعاملة عليها إلى بيان أنّ من شروط صحّة البيع وغيره من عقود المعاوضة اشتمال المورد على منفعة معتدّ بها عند العقلاء وهو النفع الغالب المقصود لهم.
وإذا تمهّد هذا فينبغي التكلّم في مقامين :
المقام الأوّل : في الحكم الكبروي للأشياء الغير المنتفع بها جزماً فنقول : المعروف من مذهب الأصحاب فيما لا ينتفع به من الأشياء ـ كالمذكورات ـ هو عدم جواز التكسّب بها وعدم صحّة المعاملة عليها مطلقاً بلا خلاف يظهر ، بل الظاهر المظنون القويّ المتاخم للعلم إن لم ندّع القطع أنّه إجماعي كما صرّح به في الرياض (١) ونصّ عليه بقسميه في الجواهر (٢).
وصرّح الشيخ في موضع من المبسوط بعدم الخلاف فيه حيث إنّه في حكم ما يصحّ بيعه وما لا يصحّ قال : «الأشياء على ضربين حيوان أو غير حيوان ، والحيوان على ضربين آدمي وبهيمة ... إلى أن قال : وما ليس بآدمي من البهيمة فعلى ضربين نجس وطاهر ... إلى أن قال : وأمّا الطاهر فعلى ضربين ضرب ينتفع والآخر لا ينتفع به ... إلى أن قال : وإن كان ممّا لا ينتفع به فلا يجوز بيعه بلا خلاف مثل الأسد والذئب وسائر الحشرات من الحيّات والعقارب والفار والخنافس والجعلان والحدأة والنسر والرخمة وبغاث الطير وكذلك الغربان سواء كان أبقع أو أسود ... إلى آخر ما ذكر. وفي موضع آخر بعيد ذلك بأسطر صرّح بالإجماع قائلاً : «كلّما ينفصل من آدمي من شعر ومخاط ولعاب وظفر وغيره لا يجوز بيعه إجماعاً ، لأنّه لا ثمن له ولا منفعة فيه» (٣) الخ.
لا يقال : هذا مخصوص بفضلات الإنسان ولا يتعدّاها إلى غيره. لإمكان تعدية الحكم أوّلاً بالإجماع المركّب ، وثانياً بتنقيح المناط لوضوح أنّ مناط الحكم كما يظهر من تعليله انتفاء الثمن على معنى عدم قيمة لهذه الأشياء في العرف والعادة وعدم
__________________
(١) الرياض ٨ : ١٤٧.
(٢) الجواهر ٢٢ : ٣٤.
(٣) المبسوط ٢ : ١٦٥ ـ ١٦٧.