المنفعة ، وكلّ منهما موجود في الحشرات وما يلحق بها من السباع والمسوخ ، وثالثاً ظهور كون الإجماع المذكور إجماعاً على الحكم والعلّة معاً على معنى كونه نقلاً للكاشف عن قول المعصوم في كليهما فتكون نوعاً من العلّة المنصوصة وهي حجّة.
ويظهر دعوى الإجماع أيضاً من تذكرة العلّامة ومن التنقيح ، أمّا الأوّل فلأنّه قال : «لا يجوز بيع ما لا ينتفع به من الحيوانات كالخفّاش والعقارب والحيّات وبنات وردان والجعلان والقنافذ واليرابيع ، لخسّتها وعدم التفات نظر الشارع إلى مثلها في التقويم ولا يثبت الملكيّة لأحد عليها ولا اعتبار بما يورد في الخواصّ من منافعها فإنّها مع ذلك لا تعدّ مالاً وكذا عند الشافعي» (١) الخ فإنّ قوله «وكذا عند الشافعي» يفيد كون لفظ «عندنا» مطويّاً قبل ذلك في العبارة بل ربّما يفيد كون الاتّفاق عند الأصحاب على الحكم في الوضوح بحيث لا يحتاج إلى التصريح به في الكلام.
وأمّا الثاني فلأنّه عند بيان حكم ما يصحّ بيعه من الأشياء وما لا يصحّ فإنّه بعد ما قسّم الأشياء إلى ما لا منفعة فيه أصلاً وإلى ما فيه منفعة وقسّم الثاني إلى ما يكون جميع منافعه محلّلة وما يكون جميع منافعه محرّمة وما بعض منافعه محرّمة وبعضها محرّمة على ما حكي ذكر «أنّ الأوّل من هذه الأقسام يجوز بيعه والثاني يجوز بيعه إجماعاً والثالث لا يجوز إجماعاً» (٢) فهو ملحوق بمعدوم المنفعة فإنّ ذلك يدلّ على كون معدوم المنفعة أيضاً إجماعيّاً. وهذا ربّما يعطي دعوى الإجماع في معدوم المنفعة على وجه أبلغ من التصريح به لأنّ اللحوق يقتضي كون الملحوق به أصلاً والملحوق فرعاً ، فيكون الإجماع على الفرع من جهة الإجماع على الأصل ، أو أنّ الأصل أولى بالإجماع.
وهذه الإجماعات إن لم نقل بحجّيّة كلّ واحد من حيث إنّه إجماع فلا أقلّ من أنّه يحصل من ملاحظة مجموعها مع اعتضادها بما ذكرناه من ظهور عدم الخلاف ، بل ظهور الإجماع الظنّ القويّ البالغ حدّ الاطمئنان بالحكم ، وعليه مدار الاستنباط عندنا غالباً هذا.
__________________
(١) التذكرة ١٠ : ٣٥.
(٢) التنقيح ٢ : ١٠.