والسرقة والغصب والظلم والعقد الفاسد أوّل المسألة ، فيندرج المقام في مستثنى الآية لا في المستثنى منه.
ودعوى : أنّ اندراجه في المستثنى موقوف على كون التراضي المتحقّق فيه ممّا أمضاه الشارع ، وهو موضع منع ، فيندرج في عموم المستثنى منه كما في البيع الربوي والبيع للميتة وبيع الخمر وما أشبه ذلك.
يدفعها : بأنّا إنّما التزمنا عدم إمضاء الشارع للتراضي في الأمثلة المذكورة ونظائرها لأدلّتها الدالّة على منع الشارع لها من النصّ والإجماع ، وليس في المقام دليل على المنع والتحريم بالخصوص من نصّ ولا غيره ، فيندرج في إطلاق المستثنى وهذا كافٍ في الدلالة على الإمضاء ، إلّا أن يتشبّث في إحراز صغرى الأكل بالباطل بالإجماع المتقدّم محصّلاً ومنقولاً ويقال : إنّه لدلالته على فساد المعاملة يستلزم كون المال المأخوذ بسببها أكلاً للمال بالباطل ، أو يتمسّك بانتفاء الماليّة في نظر العقلاء فيكون أخذها عوضاً في عقود المعاوضة أكلاً للمال بالباطل.
وبالتأمّل في ذلك يندفع أيضاً ما قد يستشكل فيما ذكره العلّامة من «أنّه لا اعتبار بما يورد في الخواصّ من منافعها فإنّها مع ذلك لا تعدّ مالاً» (١) بأنّه إذا اطّلع العرف على خاصيّة في إحدى الحشرات معلومة بالتجربة أو غيرها ، فأيّ فرق بينه وبين نبات من الأدوية علم فيه تلك الخاصيّة ، وحينئذٍ فعدم جواز بيعه وأخذ المال في مقابله بملاحظة تلك الخاصيّة يحتاج إلى دليل لأنّه حينئذٍ ليس أكلاً للمال بالباطل ، ويؤيّد ذلك ما في رواية التحف من «أنّ كلّ شيء يكون لهم فيه الصلاح من جهة من الجهات ، فذلك حلال بيعه وشراؤه» الخ.
ووجه الاندفاع وضوح الفرق بين المقامين والفارق كون الخاصيّة في النباتات مقصودة للعقلاء على معنى اعتنائهم بها ، بدليل أنّهم يتملّكونها لأجلها بالحيازة ونحوها ويجرون عليها أحكام الملك من الحفظ والضبط والقنية والتقويم وكونها عندهم تعدّ مالاً بخلافها في الحشرات ، وهذا هو معنى التعليل بما في عبارة التذكرة. وقضيّة انتفاء
__________________
(١) التذكرة ١٠ : ٣٥.