والمصدر منه لغة تحويل الشيء من صورة إلى ما هو أقبح منها ، يقال : مسخه الله قرداً. ومحلّ البحث منه تحويله من الصورة الإنسانيّة إلى غيرها من صور الحيوانات.
والمراد بالأقبح الأقبحيّة الإضافيّة أعني كون الصورة المحوّل إليها أقبح من الصورة المحوّل منها وإن كانت بالقياس إلى سائر أنواع الصور المحوّل إليها أحسنها.
فلا يرد النقض بالطاوس الّذي هو من أحسن صور الطيور وهو من المسوخ كما ورد به رواية ، كالمرويّ عن الكافي بإسناده عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : «الطاوس مسخ ، كان رجلاً جميلاً فكابر امرأة رجل مؤمن تحبّه فوقع بها ثمّ راسلته بعد ، فمسخهما الله طاوسين انثى وذكراً ، فلا يؤكل لحمه ولا بيضه» (١) فإنّ الصورة الطاووسيّة أقبح من الصورة الإنسانيّة وإن كانت فيما بين صور الطيور بل سائر المسوخ أيضاً لا قبح فيها بل كانت أحسنها.
والاسم منه يطلق على المسوخات ولعلّه من باب النقل من المصدريّة إلى معنى اسم المفعول. ويقال : إنّ المسوخ جميعها لم تبق أكثر من ثلاثة أيّام ثمّ ماتت ولم تتوالد ، وهذه الحيوانات على صورها سمّيت مسوخاً على الاستعارة.
وأمّا مصاديق المسوخ المتحقّقة في الخارج فهي كثيرة جدّاً ، بل على ما في بعض الروايات أكثر من أن تحصى ولا يعرف أكثرها إلّا الله ومن أوقفه الله من أوليائه ، ففي حديث (٢) «إنّ الله تبارك وتعالى مسخ سبعمائة امّة عصوا الأوصياء بعد الرسول فأخذ أربعمائة امّة منهم برّاً وثلاثمائة بحراً ، ثمّ تلا هذه الآية «فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ» (٣) الخ.
والمحقّق المجلسي في جلد سماء العالم من البحار ـ بعد ما أورد روايات كثيرة واردة في ضبط المسوخ وبيان علل مسخها ـ قال : «اعلم أنّ أنواع المسوخ غير مضبوطة في كلام أكثر الأصحاب بل أحالوها على هذه الروايات وإن كان في أكثرها ضعف على مصطلحهم ، فالّذي يحصل من جميعها ثلاثون صنفاً : الفيل والدبّ والأرنب
__________________
(١) الوسائل ٢٤ : ١٠٦ / ٦ ، ب ٢ الأطعمة المحرّمة ، الكافي ٦ : ٢٤٧ / ١٦.
(٢) الوسائل ٢٤ : ١٠٧ / ٩ ، ب ٢ الأطعمة المحرّمة ، الكافي ٦ : ٢٤٣ / ١.
(٣) سبأ : ١٩.