الاعتداد بعرف السواد من العرب كأهل العراق ومن ضارعهم لشوب العجميّة فيهم مع اضطراب عرفهم في هذا اللفظ بالخصوص ، وعدم وجود مرادف من لغة الفرس وغيرها من لغات الاعجام لهذا اللفظ حتّى يستعلم حقيقته بمعرفة حقيقة مرادفه بالرجوع إلى عرف الفرس وغيره.
وما في المستند من «أنّ بعض أهل اللغة فسّره بما يقال له بالفارسيّة سرود» (١) وعن الصحاح «أنّه ما يسمّيه العجم بدو بيتي» لا يجدي نفعاً في المقام ، لعدم كون هذين اللفظين معمولين في أعصارنا هذه ، فلو فرضنا كونهما معمولين في الفرس القديم فهما مهجوران في عرف أعصارنا فلا نستفيد منهما ، نعم كثيراً ما يستعملون في مظانّ الغناء لفظ «آوازه خواني وخوانندگي» وهذا أيضاً لا يخلو عن إجمال.
بل ربّما يطلق مع حسن الصوت الّذي نقطع بعدم كونه غناءً ، اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ أهل العرف يطلقون الغناء على ما يعدّ من ألحان أهل الطرب فإنّ الطرب على ما عن الصحاح وغيره «خفّة تعتري الإنسان لشدّة حزن وعلامته أن يحسّ الإنسان من نفسه الميل إلى البكاء ، أو شدّة سرور وعلامته أن يحسّ من نفسه الميل إلى الرقص ، وهذه الحالة قد تحدث من آلات اللهو كالعود والمزمار والناي وغير ذلك ، وقد تحدث من الصوت الحسن المشتمل على الترجيع البالغ حدّ الإطراب وهو إيجاد الطرب وإحداثه ، ويندرج فيه مدّ الصوت المشتمل على الترجيع المطرب فإنّ ألحان أهل الطرب نغمة وتصانيف أهل الفسوق وترقيق الصوت مع تحسينه المسمّى في العجميّة بزمزمة ولفظ الغناء إمّا يساوقها فيعمّ الأنواع الثلاث ، أو أنّه أخصّ منها فلا يعمّ التصانيف والزمزمة ، والاحتمال الأوّل وإن كان يبعّده عنوان «آوازه خواني وخوانندگي» في الفارسيّة لظهورهما في النوع الأوّل ، وعدم ظهور إطلاقهما على النوعين الآخرين ، ولكن يقربه التغنّي لصحّة أن يقال على المتشاغل بالتصنيف أو الزمزمة إنّه يتغنّى إلّا أنّه ليس بحيث يقطع لعدم الاطّلاع على عرف العرب (٢).
وعلى كلا التقديرين فالغناء ما وصفه الله تعالى في كتابه العزيز تارةً باللهو كما في
__________________
(١) المستند ١٤ : ١٢٥.
(٢) الصحاح ١ : ١٧١ ، (طرب).