آية «وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ» (١) واخرى بالباطل كما في آيات «وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ» (٢) «وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ» (٣) «وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ» (٤) بناءً على إرادة الباطل من اللغو والزور.
وقد ورد في أخبار مستفيضة تفسير «لهو الحديث» في الآية الاولى بالغناء كالأخبار المستفيضة أيضاً في تفسير كلّ من «اللغو» و «قول الزور ، والزور» بالغناء. وقضيّة وصفه باللهو ـ وهو ما يلهيك عن ذكر الله ـ كون الغناء من جملة الملاهي وأن يكون تحريمه لعنوان اللهو الصادق عليه وعلى غيره ، كما أنّ قضيّة وصفه بالباطل أن يكون تحريمه لأجل هذا العنوان الّذي هو أعمّ من اللهو كما أنّ اللهو أعمّ من الغناء.
وفي حديث أيضاً «إنّ رجلاً أتى أبا جعفر عليهالسلام فسأله عن الغناء ، فقال له : إذا ميّز الله بين الحقّ والباطل فأين يكون الغناء؟ قال : مع الباطل ، قال : قد حكمت» (٥).
والمراد بالباطل إمّا ما يقابل الحقّ وهو الشيء الثابت المرخّص فيه فالباطل الغير الثابت باعتبار منع الشرع ، أو الشيء الخالي عن الفائدة العقلائيّة ، ومنه الغناء لأنّ طالبيه والراغبين إليه ليسوا إلّا السفهاء من الناس وهم أهل الفسوق.
فتحريم الغناء حينئذٍ إمّا لعنوانه الخاصّ إن استفدناه من الأدلّة الخاصّة به ، أو لعنوان اللهو إن استفدناه من آية لهو الحديث ، أو لعنوان الباطل إن استفدناه من الآيات الاخر.
فصحّ أن يقال : إنّ كلّ صوت لهويّ يعدّ من ألحان أهل الطرب وترجيعاتهم المطربة محرّم سواء صدق عليه بجميع أنواعه الغناء أو لا ، بأن لم يصدق إلّا على أحد أنواعه ، وقد وقع في بعض الروايات أيضاً إشارة إلى الضابط المذكور كقوله : «اقرءوا القرآن بألحان العرب وإيّاكم ولحون أهل الفسوق والكبائر ...» (٦) الخ ، فإنّ لحون أهل الفسوق والكبائر هي ألحان أهل الطرب المرتكبين لفسوق التطريبات بالآلات والأصوات الّتي هي من المعاصي الكبائر.
وهل يعتبر قيامه باللفظ وتقوّمه بالكلام نثراً أو نظماً أو لا؟ بمعنى أنّه لا مدخليّة
__________________
(١) لقمان : ٦.
(٢) المؤمنون : ٣.
(٣) الحجّ : ٣٠.
(٤) الفرقان : ٧٢.
(٥) الوسائل ١٧ : ٣٠٦ / ١٣ ، ب ٩٩ ما يكتسب به ، الكافي ٦ : ٤٣٥ / ٢٥.
(٦) الوسائل ٦ : ٢١ / ١ ، ب ٢٤ قراءة القرآن.