للكلام فيه بل هو تابع لجوهر الصوت تحقّق معه كلام نثراً أو نظماً أو لم يتحقّق وجهان : من إمكان دعوى ظهور آيتي لهو الحديث وقول الزور لأنّ الحديث بحسب العرف هو الكلام فيكون المراد باعتبار كون إضافة اللهو من إضافة الصفة على الموصوف الكلام الملهوّ به والقول واضح ، ومن ظهور الآيتين الاخريين اللّتين عبّر عنه فيهما باللغو والزور الصادقين على الجوهر المعتضدتين بصدق لحن أهل الطرب على ما لم تكن معه لفظ ولا كلام. وإذا لم يكن له مدخليّة في صدق اسم الغناء ولا الصوت اللهويّ وجوداً وعدماً فخصوصيّة كلام دون كلام فيما اشتمل عليه لا تؤثّر في خروجه من الاسم.
وعلى هذا فمن يدّعي استثناء المراثي أو قراءة القرآن لا يمكنه دعوى الخروج عن الاسم من باب التخصّص ، بل لا بدّ وأن يدّعي الخروج من الحكم من باب التخصيص ، وحينئذٍ فنطالب بدليله.
وكيف كان فالكلام في المقام تارةً في أصل حكم الغناء قبالاً لمن سبقه شبهة إنكار تحريمه في نفسه ، واخرى في مقداره تعميماً وتخصيصاً قبالاً لمن سبقه شبهة استثنائه في المراثي وفي تلاوة القرآن.
أمّا الأوّل : فالمعروف من مذهب الأصحاب من غير خلاف معتدّ به تحريم الغناء بقول مطلق بل عليه إجماعهم محصّلاً ومنقولاً ، وقيل بكون الإجماعات المنقولة عليه مستفيضة ، وربّما ادّعى فيه ضرورة المذهب ، بل ولعلّه المشهور عند العامّة حيث لم يخالف فيه إلّا الغزالي ومتصوّفوهم ، وقد يظهر عمّن نقل فيه إجماع العلماء كونه إجماعاً من العامّة أيضاً. خلافاً للمحدّث الكاشاني فنفى تحريمه في نفسه وخصّه بما اشتمل منه على المحرّمات الخارجة من اللعب بآلات اللهو والكلام بالباطل ودخول الرجال حيث قال ـ في الوافي بعد ذكر جملة من الأخبار المتعلّقة بالباب على ما حكي ـ : «الّذي يظهر من مجموع الأخبار الواردة اختصاص حرمة الغناء وما يتعلّق به من الأجر والتعليم والاستمتاع والبيع والشراء كلّها بما كان على النحو المتعارف في زمن الخلفاء من دخول الرجال عليهنّ وتكلّمهنّ بالباطل ولعبهنّ بالملاهي من العيدان والقصب وغيرهما دون ما سوى ذلك من أنواعه كما يشعر به قوله : ليست بالّتي تدخل عليها