عليه النار ، وتلا هذه الآية «وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ» (١) (٢).
ورواية مهران بن محمّد عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «سمعته يقول الغناء ممّا قال الله عزوجل «وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ» (٣).
ورواية الوشاء قال : «سمعت أبا الحسن الرضا عليهالسلام يقول : سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن الغناء ، فقال : هو قول الله عزوجل «وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ» (٤).
ورواية الحسن بن هارون قال : «سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : الغناء مجلس لا ينظر الله إلى أهله ، وهو ممّا قال الله عزوجل : «وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ» (٥).
وقد يستدلّ بآيتي «وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ» (٦) «وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ» (٧) بانضمام الأخبار المفسّرة لهما بالغناء. وفي دلالتهما على التحريم نظر ، إذ غاية ما فيهما الدلالة على مدح المجتنب عن الغناء وحسن اجتنابه ، وهذا لا يلازم المنع من فعله أو استماعه لاحتمال الكراهة.
وقد يناقش في آية لهو الحديث بأنّ مفادها حرمة الغناء الّذي يشتري ليضلّ عن سبيل الله ويتّخذها هزواً وهو ممّا لا شكّ فيه ، ولا يدلّ على حرمة غير ذلك ممّا يتّخذ لترقيق القلب ويذكر الجنّة ويهيج الشوق إلى العالم الأعلى ويؤثّر القرآن والدعاء في القلوب ، بل في قوله «لَهْوَ الْحَدِيثِ» إشعار بذلك أيضاً. هكذا ذكر في المستند (٨).
وفيه : أنّ الاشتراء هنا إمّا بمعنى الاختيار أو صرف المال لعقد مجلس الغناء واللام في «ليضلّ» للعاقبة ، ومعناها أنّ الغناء من خواصّه أنّه يضلّ عن سبيل أي يخرج صاحبه عن حدود الله تعالى ويميله إلى الفسوق والفجور الاخر ، كما يدلّ عليه ما في
__________________
(١) لقمان : ٦.
(٢) الوسائل ١٧ : ٣٠٤ / ٦ ، ب ٩٩ ما يكتسب به ، الكافي ٦ : ٤٣١ / ٤.
(٣) الوسائل ١٧ : ٣٠٥ / ٧ ، ب ٩٩ ما يكتسب به ، الكافي ٦ : ٤٣١ / ٥.
(٤) الوسائل ١٧ : ٣٠٦ / ١١ ، ب ٩٩ ما يكتسب به ، الكافي ٦ : ٤٣٢ / ٨.
(٥) الوسائل ١٧ : ٣٠٧ / ١٦ ، ب ٩٩ ما يكتسب به ، الكافي ٦ : ٤٣٣ / ١٦.
(٦) المؤمنون : ٣. (٧) الفرقان : ٧٢.
(٨) المستند ١٤ : ١٣٤ ـ ١٣٥.