بعض الروايات من قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الغناء رقية الزنا» (١) كما في كتاب جامع الأخبار أي يجرّه إليه ويوقعه فيه كما يرشد إليه المشاهدة.
وأمّا السنّة : فقيل : إنّها متواترة ، إلّا أنّ العمدة منها سنداً ودلالة صحيحة محمّد بن مسلم المتقدّمة (٢) المصرّحة بأنّ «الغناء ممّا وعد الله عليه النار» فإنّها مع دلالتها على حرمته تدلّ على كونها من الكبائر.
ومثلها دلالة رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اقرءوا القرآن بألحان العرب وأصواتها وإيّاكم ولحون أهل الفسوق وأهل الكبائر ، فإنّه سيجيء من بعدي أقوام يرجّعون القرآن ترجيع الغناء ...» (٣) الخ.
فإنّ قرينة المقابلة تقضي بكون المراد من ألحان العرب وأصواتها تحسين الصوت وتحزينه أو النغمة الحسنة الغير البالغة حدّ ترجيع الغناء ، وبلحون أهل الفسق والكبائر الترجيعات المطرحة على حدّ ما يعمله أهل الطرب الّذين هم أهل الفسق والكبائر ، ويرشد إليه التعليل أيضاً ، لمكان قوله : «يرجّعون القرآن ترجيع الغناء» فلو لم يكن ترجيع الغناء وهو الترجيعات المطربة محرّماً لما صحّ تعليل «وإيّاكم» المفيد للتحريم بما ذكر.
ودلالة هذه الرواية في موضعين أحدهما قوله : «إيّاكم» والآخر الذمّ المستفاد من التعليل. واختصاص المورد غير ضائر لمكان قوله : «ترجيع الغناء» فإنّه يدلّ على أنّ ترجيع الغناء بنوعه وطبيعته مذموم ومحرّم ، مع أنّ العبرة في قوله : «وإيّاكم ...» الخ بعموم اللفظ لا خصوص المورد.
وفي جامع الأخبار مرسلاً قال : «رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يحشر صاحب الطنبور يوم القيامة وهو أسود الوجه وبيده طنبور من نار وفوق رأسه سبعون الف ملك بيد كلّ ملك مقمعة يضربون رأسه ووجهه ، ويحشر صاحب الغناء من قبره أعمى وأخرس وأبكم ... إلى أن قال : وقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : الغناء رقيه الزنا» (٤).
__________________
(١) جامع الأخبار : ١٥٤.
(٢) تقدّم في الصفحة : ٢١٥.
(٣) الوسائل ٦ : ٢١١ / ١ ، ب ٢٤ قراءة القرآن.
(٤) مستدرك الوسائل ١٣ : ٢١٩ / ١٧ ، ب ٧٩ ، ما يكتسب به ، جامع الأخبار : ١٥٤.