أو حكّه أو قطع الصفحة أو الورقة الّتي هو فيها. فما كان من كتب الضلال ما يترتّب الضلال على مجرّد اسلوبه وتأليفه كبيان هؤلاء الفرقة الضالّة المضلّة ، أو كان جميع مطالبه المندرجة فيه ضلالاً فطريق إعدامه إزالة خطوطه بالماء ، أو دفنه في التراب حتّى يبلو ، أو رضّ كواغذه وإلقاء رضاضها في الماء أو الصحراء أو غير ذلك.
وما كان منها مع اشتماله على المطالب الضالّة مشتملاً على مطالب حقّة أيضاً فإن أمكن إفراد موضع الضلال بالإعدام بمحو أو قطع ورق أو نحو ذلك يقتصر عليه ولا يجب إعدام غيره بل لا يجوز لو كان له ماليّة أو كان مال الغير لكونه محترماً ، وإن لم يمكن إفراده بالإعدام بل يتوقّف على إعدام الجميع وإتلافه وجب ذلك حسماً لمادّة الفساد ، ولأنّ الشارع أسقط احترامه حينئذٍ ، ولو كان لجلده أو وعائه ماليّة اخذ صوناً للمال المحترم عن التلف والضياع ، ولو كان لغيره فلإتلافه تبعاً لإتلاف الكتاب يوجب الضمان.
ولا يندرج الكتب السماويّة الغير المحرّفة في الكتب الضالّة وإن كانت منسوخة فلا يلحقها حكّها ، وأمّا المحرّفة منها كالموجود في يد اليهود والنصارى اليوم المسمّى عندهم بالتوراة والإنجيل ففي اندراجها ولحوق الحكم بها وعدمه وجهان : من أنّها لا توجب للمسلمين بعد بداهة نسخها ضلالة ، ومن أنّها توجبها لليهود والنصارى ، والأقرب الأوّل للأصل.
ثمّ يدخل في الحفظ المحرّم ، كلّ ما له دخل في بقاء المطالب المضلّة والوقوع في الضلالة من النسخ والحفظ على ظهر القلب والمذاكرة والمطالعة والمراجعة وغيرها.
واستثني عنه صور ، منها : الحفظ لنقض دليل أهلها من كلامهم ليكون المجادلة بالّتي هي أحسن ، أو الاحتجاج عليهم ، أو إلزامهم على الحقّ ، وقد يقال في ضبط هذه الثلاث : إنّ الأوّل إبطال لدليل الخصم بما هو من مذهبه ، والثاني إبطال لمذهبه بما هو من مذهبه ، والثالث إثبات حقّيّة مذهبك بما هو من مذهبه. والاطّلاع على مطالبهم ليحصل به التقيّة أو لمجرّد الاطّلاع على الآراء والمذاهب إلى غير ذلك من الفوائد الكثيرة ، ولذا قال في جامع المقاصد ـ على ما حكي ـ : «إنّ فوائده كثيرة» (١).
__________________
(١) جامع المقاصد ٤ : ٢٦.