قولان : أوّلهما منسوب إلى كاشف الريبة (١) وجمع (٢) ممّن تأخّر عنه.
وثانيهما خيرة غير واحد من مشايخنا (٣) وعزي إلى بعض الأساطين ، ولعلّه الشيخ النجفي قدسسره في شرحه للقواعد (٤).
وربّما حكي القول بالتعدّي إلى مطلق سوء الظالم غير ما فعله في حقّ المظلوم على ما سمعناه عن بعض مشايخنا قدسسرهم فقال في التظلّم أقوال : أخصّها جواز التظلّم عن الظالم فيما ظلمه عند من يرجى رفع ظلمه فلا يجوز ذكر ظلمه عند من لا يرجى رفعه ولا ذكر سائر عيوبه ولو عند من يرجى رفع مظلمته ، والقول الآخر جواز التظلّم عنه وذكره بظلمه عند من يرجى إزالة مظلمته وعند من لا يرجى ذلك ، وثالث الأقوال جواز ذكره بظلمه وغيره من عيوبه عند من يرجى منه رفع المظلمة ومن لا يرجى منه ذلك. ولكنّا لم نحقّقه ولم نجده في كلام من يعتبر نقله ولم نقف على قائله أيضاً ، مضافاً إلى أنّه يأباه مادّة التظلّم ومفهومه فإنّ ذكر الظالم بما فيه من السوء غير ظلمه الّذي أوقعه على هذا المظلوم ممّا لا مدخل له في عنوان التظلّم أصلاً.
ولو فرض كون هذا الظالم متجاهراً في ظلمه بأن أوقعه عليه جهاراً وعلى رءوس الأشهاد فيجوز حينئذٍ ذكر عيوبه الاخر أيضاً على ما تقدّم في حكم المتجاهر لورد عليه أنّه يرجع حينئذٍ إلى غيبة المتجاهر فيخرج عن عنوان التظلّم إذ ليس الكلام في ذكر مظلمة الظالم من حيث إنّه متجاهر فيها ولذا يعمّ الحكم المتستّر بها أيضاً كما لو ضربه ليلاً أو شتمه أو أخذ ماله سرّاً كما نصّ عليه بعض مشايخنا (٥).
وكيف كان فدليل استثناء التظلّم قوله عزّ من قائل : «لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلّا مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً» (٦).
وبيان الدلالة المتوقّفة على النظر في التركيب النحوي أنّ الجهر مصدر بمعنى الظهور ، وكلمة الباء فيما بعده للتعدية على حدّ ذهب به فتصير الجهر بمعنى الإجهار المرادف للإظهار ، فيكون التقدير وحاصل المعنى إنّ الله لا يحبّ أن يظهر السوء ، ومن
__________________
(١) كشف الريبة : ٧٧.
(٢) كما في الكفاية : ٨٦ ، المستند ١٤ : ١٦٨ ، مفتاح الكرامة ١٢ : ٢١٨.
(٣) المكاسب ١ : ٣٤٩ ، الجواهر ٢٢ : ٦٦.
(٤) شرح القواعد ١ : ٢٢٤.
(٥) المكاسب ١ : ٢٤٧.
(٦) النساء : ٤٨.