التحريم بتخصيص واحد ، ولو بنى فيما نحن فيه على خروجه عن العموم لزم اندراجه في عنوان غيبة المتجاهر ولا يلزم به تخصيص آخر غير ما ورد بالنسبة إلى ذلك العنوان ، فلا مجرى لأصالة عدم التخصيص حينئذٍ ، فلا يبقى بالنسبة إلى هذا الفرد إلّا الشكّ في التكليف والأصل براءة الذمّة ، فأقوى الوجهين أوّلهما.
وأمّا الصورة الخامسة : فالكلام فيها تارةً في تكليف المستمع ، باعتبار ما يرجع إلى القائل من البناء على حرمة هذه الغيبة الصادرة ، فيرتّب عليه جميع آثار الحرمة من طروّ الفسق وزوال العدالة أو يحكم بعدم الحرمة.
واخرى في تكليفه باعتبار ما يرجع إلى نفسه من حيث حرمة استماعها عليه والعدم.
وثالثة في تكليفه باعتبار ما يرجع إلى نفسه أيضاً ، ولكن من حيث وجوب ردّ هذه الغيبة وعدمه.
أمّا الجهة الاولى فالوجه فيها البناء على عدم الحرمة عملاً بأصالة الصحّة في فعل المسلم. وتوهّم : أصالة عدم الخروج من عموم التحريم ، يدفعه ـ مضافاً إلى ما عرفت من عدم كون ذلك الأصل في مجراه ـ أنّ الرجوع إلى أدلّة الواقع أو سائر الاصول في الفعل الصادر من المسلم إنّما يتّجه في الشبهات الحكميّة لا الموضوعيّة الّتي يعمل فيها على أصالة الصحّة لا غير.
نعم لو فرض مورد الشكّ من الشبهة الحكميّة اتّجه الرجوع إلى أدلّة الواقع ، كما لو اغتاب أحد عن فاسق غير متجاهر والمستمع يشكّ في صحّته وفساده باعتبار الشكّ في جواز غيبة الفاسق الغير المتجاهر كما يظهر القول به من بعض الأصحاب ، فكلّ غيبة يسمعها مسلم من مسلم ويشكّ في صدورها على وجه العصيان أو لا على وجه العصيان لشبهة موضوعيّة وجب الحكم عليها بكونها صادرة لا على وجه العصيان ، حملاً لفعل المسلم على الصحّة فلا يحكم بمجرّدها بفسقه وزوال عدالته.
ومنه ما لو صدر منه غيبة الفاسق الغير المتجاهر وهو يعتقد باجتهاده أو تقليده لمجتهد حرمتها ولكن يشكّ في كون صدورها من المتكلّم على وجه العصيان أو لا على وجه العصيان لاحتمال كونه باجتهاد أو تقليد لمجتهد معتقد لجوازها.