ولحم الخنزير فلم يأكل شيئاً من ذلك حتّى يموت فهو كافر» (١).
وهذه الأدلّة واضح الدلالة على إناطة الرخصة في شرب الخمر بل مطلق المسكر بل تناول مطلق المحرّمات بالاضطرار ، فالمضطرّ إلى شرب الخمر يحلّ له الشرب.
ولكنّ الكلام في تحقيق معنى المضطرّ وتشخيص مصاديقه :
فنقول : إنّه على ما حكي عن النهاية الّذي يخاف التلف على نفسه لو لم يتناول وكأنّه استظهار من قوله المحكيّ عنها : «لا يجوز أن يأكل الميتة إلّا إذا خاف تلف النفس» (٢) ونسبه في المسالك (٣) إلى تلميذه القاضي (٤) وابن إدريس (٥) والعلّامة في المختلف (٦) وفسّره في الشرائع (٧) والقواعد «بالّذي يخاف التلف لو لم يتناول ، وكذا لو خاف المرض بالترك ، وكذا لو خشي الضعف المؤدّي إلى التخلّف عن الرفقة مع ظهور أمارة العطب أو إلى ضعف الركوب المؤدّي إلى خوف التلف» (٨).
وفي المسالك «هو المشهور بين الأصحاب لتحقّق معنى الإكراه [الاضطرار] (٩) على جميع هذه الأحوال ، ثمّ قال : وفي معنى ما ذكر من يخاف طول المرض أو عسر برئه لأنّ ذلك كلّه إضرار» (١٠).
وفي كشف اللثام (١١) وغيره (١٢) أضاف إلى الخوف على نفسه الخوف على نفس محترمة غيره كالحامل تخاف على الجنين ، والمرضعة تخاف على الرضيع ، وفيه وفي غيره أيضاً جعل الخوف أعمّ ممّا ينشأ من نفس عدم التناول أو من إكراه الغير على التناول بحيث يخاف معه على نفسه أو على نفس محترمة غيره أو على مال محترم له أو لغيره أو على عرضه أو من التقية الموجبة للخوف على أحد الامور المذكورة.
وهذا أصحّ ، لأنّ الاضطرار ليس من الموضوعات الشرعيّة ولم يرد له من الشارع
__________________
(١) الوسائل ٢٤ : ٢١٦ / ٣ ، ب ٥٦ الأطعمة المحرّمة ، الفقيه ٣ : ٢١٨ / ١٠٠٨.
(٢) النهاية ٣ : ٩٨ ـ ٩٩.
(٣) المسالك ٢ : ٢٤٩.
(٤) المهذّب ٢ : ٤٣٣.
(٥) السرائر ٣ : ١١٣.
(٦) المختلف ٨ : ٣٢١.
(٧) الشرائع ٣ : ٧٥٧. (٨) القواعد ٣ : ٣٣٣.
(٩) هكذا في المصدر وكلمة الإكراه سهو من قلمه الشريف.
(١٠) المسالك ٢ : ٢٤٩. (١١) كشف اللثام ٩ : ٣١٧.
(١٢) كما في مجمع الفائدة والبرهان ١١ : ٣١٢ ، المستند ١٥ : ٣٣.