تحديد بل هو من الموضوعات المستنبطة العرفيّة.
فالمرجع في استعلام مفهومه وتشخيص مصاديقه العرف ، وهو في متفاهم العرف يصدق على الجميع بل على ما لو أدّى الامتناع عن التناول إلى مشقّة شديدة لا تتحمّل عادةً ، فيصدق عليه في الجميع أنّه مضطرّ إلى التناول ، ويصحّ له أن يقول : في الجميع «اضطررت إلى تناوله» ولا يصحّ سلب الاسم عنه ولا تكذيبه في شيء من الصور.
والضابط الكلّي خوف الضرر سواء كان الضرر المخوف تلف النفس أو تلف المال أو هتك العرض أو حدوث المرض أو بطء علاجه أو غيره من الأحوال المذكورة فالاقتصار فيه على خوف تلف نفسه كما عرفته عن النهاية غير جيّد.
والظاهر عدم الفرق فيه بين كون الضرر المخوف مقطوعاً أو مظنوناً أو محتملاً بالاحتمال العقلائي الّذي ملاكه الخوف وكونه بحيث يعتني بشأنه العقلاء ، فلا يكفي الوهم وهو مطلق الاحتمال المرجوح الغير المعتنى به عند العقلاء ، ويعتبر في نفس الضرر المخوف كونه ضرراً معتدّاً به وهو ما يعتني بشأنه العقلاء ويتحرّزون منها ولا يتسامحون فيه ، فالضرر اليسير المتسامح فيه عند العقلاء من صداع غير شديد وما أشبه ذلك لا عبرة به كما تنبّه عليه كاشف اللثام بقوله : «ولا يدخل فيه صداع غير متناه في الشدّة ونحوه» (١).
وبجميع ما عرفت ظهر ضعف قول الشيخ وضعف دليله ، لأنّ الاحتياط مع فرض الاضطرار لا حكم له حتّى من الرجحان ، وعموم أدلّة المنع يخرج منه بالتخصيص أو الحكومة ، والخبر الخاصّ ضعيف بالإرسال ، ومع ذلك يمكن حمله على الغالب ولو بحسب الأمزجة ، فيعتبر في محلّ الرخصة العلم أو الظنّ الغالب بترتّب الفائدة على شربها لعدم صدق الاضطرار بدون ذلك.
الثالثة : يحرم سقي الصبيان الخمر بلا خلاف يظهر ، وفي المستند (٢) هو المعروف في كلامهم ، لعموم قوله : «فجميع تقلّبه في ذلك حرام».
__________________
(١) كشف اللثام ٩ : ٣١٧.
(٢) المستند ١٥ : ٢٣٤.