الواجب أعنى ما يجب على الإنسان نفسه لا على غيره. فما قد يوجد في بعض العبارات من التمثيل لما يؤخذ عليه الاجرة من المندوبات بالاجرة على الحجّ ونظائره والاجرة على بناء المسجد وما أشبهه أو نقض القول بالمنع بنحو الامور المذكورة ، فليس على ما ينبغي.
أو يكون مستحبّاً على الأجير ، وهذا هو محلّ الكلام إذا اشتمل على فائدة ومنفعة تعود إلى المستأجر ، لأنّ ما لم يشتمل على نحو هذه الفائدة والمنفعة فهو ممّا لا يقع عليه عقد الإجارة من أصله وإن كان مباحاً لأنّ من شروط عقد الإجارة كون العمل المستأجر عليه مشتملاً على منفعة يصحّ عودها إلى المستأجر ، فيكون ما لا منفعة فيه تعود إليه خارجاً عن موضوع المسألة.
وتوهّم : أنّ هذا الفرض ممّا لا تحقّق له في المندوبات ، لأنّ أقلّ مراتب فائدة العمل المندوب الثواب المعدّ له المترتّب عليه ، وهذه الفائدة يمكن عودها إلى غير العامل ، بأن يبذل له الثواب ويأخذ بإزائه العوض.
يدفعه : أنّ الثواب ممّا لا يقابل بالعوض لما بيّنّاه سابقاً. ثمّ ما اشتمل من المستحبّات على منفعة يمكن عودها إلى غير عاملها لا يخلو إمّا أن يكون المنفعة المفروضة فيه مرتبطة بالإخلاص وقصد القربة بحيث يلزم من انتفائهما انتفاؤها كإعادة الفريضة لمن صلّاها فرادى لفائدة اقتداء الغير به فيها وإدراكه فضيلة الجماعة ، أو لم تكن مرتبطة بهما فلا يلزم من انتفائهما انتفاؤها ، كالسعي في قضاء حاجة المؤمن.
والأوّل : ما لا يجوز أخذ الاجرة عليه ، لأنّه يوجب انتفاء قصد القربة والإخلاص الموجب لانتفاء فائدة الاقتداء وفضيلة الجماعة الموجب لعدم جواز أخذ الاجرة عليه ، فيكون أخذ الاجرة ممّا يلزم من وجوده عدمه وهو محال ، ولا كلام في كبرى هذه القاعدة ، وأمّا صغراها فلأنّ قضيّة عقد الإجارة الوارد على عمل أن يكون الداعي المحرّك إلى الإتيان بالعمل المستأجر عليه هو استحقاق المستأجر له ، لا على معنى أنّه من شروط الصحّة بل بمعنى أنّه قهريّ الحصول في كلّ عمل مستأجر عليه ، وأنّه المركوز في الأذهان كما يشاهد في الخيّاط في خياطته والعامل في عمله ، حتّى أنّه لو سئل عن الجهة الباعثة عليه لعلّله باستحقاق المستأجر له ، ولا ريب أنّه ينافي قصد