كالمرويّ عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري «أنّه كتب إلى صاحب الزمان عليهالسلام يسأله عن الرجل من وكلاء الوقف مستحلّاً لما في يده ولا يتورّع عن أخذ ماله ، ربّما نزلت في قريته وهو فيها ، أو أدخل منزله وقد حضر طعامه فيدعوني إليه ، فإن لم آكل من طعامه عاداني عليه ، فهل يجوز لي أن آكل من طعامه ، وأتصدّق بصدقة ، وكم مقدار الصدقة؟ وإن أهدى هذا الوكيل هديّة إلى رجل آخر فيدعوني إلى أن أنال منها وأنا أعلم أنّ الوكيل لا يتورّع عن أخذ ما في يده ، فهل عليّ فيه شيء إن أنا نلت منه؟. الجواب : إن كان لهذا الرجل مال أو معاش غير ما في يده فكل طعامه واقبل برّه وإلّا فلا» (١).
ويمكن حمله على الكراهة ليكون العلم به شرطاً لرفع الكراهة لا الحرمة جمعاً ، لاعتضاد إطلاق ما تقدّم أو عمومه بنفي الخلاف والإجماع المنقول ، فلا يقاومه المقيّد والخاصّ.
ويمكن منع المنافاة بظهور قوله عليهالسلام : «وإلّا فلا» في صورة العلم بعدم الوجود كظهور قوله : «إن كان لهذا الرجل مال أو معاش» في صورة العلم بالوجود فيكون صور انتفاء العلمين مسكوتاً عنها في هذه الرواية ، فتبقى مندرجة في إطلاق ما تقدّم ، ولا يقدح فيه كون العلم بعدم وجود مال له غير ملازم لحرمة الجائزة ، لجواز حصولها للمجيز الفاقد للمال بنوع من تمليك الغير أو إباحته ، لجواز أن يكون عليهالسلام إنّما اعتبر العلم بوجود مال أو معاش له إحرازاً للشبهة بالنسبة إلى الجائزة فيمن انحصر الشبهة في جوائزه في هذه الصورة ، فيكون العلم بعدم وجوده ملازماً لانتفاء الشبهة ، لمكان العلم بكون جميع ما في يده محرّماً فتكون جائزته أيضاً محرّمة.
وأمّا النوع الثاني : فله صور ثلاث :
الاولى : أن تكون الشبهة فيما بين الجائزة وغيرها من أموال المجيز الّتي علم بوجود محرّم فيها غير محصورة ، كأن يكون له أموال كثيرة غير محصورة علم بوجود مال مغصوب فيها ، ووقع منها شيء بيد المجاز بعنوان الإجازة وما بحكمها بحيث احتمل في نظره كونه ذلك المغصوب أو غيره من أمواله المملوكة.
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ٢١٧ / ١٥ ، ب ٥١ ما يكتسب به ، الاحتجاج : ٤٨٥.