وخبر إسماعيل بن محمّد قال : «قال جعفر بن محمّد عليهماالسلام : نهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الدواء الخبيث أن يتداوى به» (١).
وخبر فضل بن شاذان عن الرضا عليهالسلام في كتابه إلى المأمون قال : «والمضطرّ لا يشرب الخمر لأنّها تقتله» (٢).
وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «المضطرّ لا يشرب الخمر فإنّها لا تزيده إلّا شرّاً ، ولأنّه إن شربها قتلته فلا يشرب منها قطرة» (٣).
وخبر قائد بن طلحة «أنّه سأل أبا عبد الله عليهالسلام عن النبيذ يجعل في الدواء؟ قال : لا ينبغي لأحد أن يستشفى بالحرام» (٤).
والسرّ فيما صنعه المعظم من الأخذ بمؤدّى هذه الأخبار دون قاعدة الاضطرار لا يخلو عن أحد الوجوه :
الأوّل : أنّ أدلّة القاعدة وإن كانت حاكمة على أدلّة تحريم المحرّمات وغيرها إلّا أنّها لا تحكم على الأخبار المانعة من التداوي بالخمر ومطلق المسكر ، بل هذه الأخبار تنهض مخصّصة لها مخرجة للاضطرار إلى التداوي من القاعدة لكونها أخصّ مورداً وأقلّ أفراداً ، فإنّ أدلّة القاعدة عامّة في مطلق المحرّمات وهذه الأخبار خاصّة في الخمر أو مطلق المسكر ، فيرجّح الأخبار على أدلّة القاعدة وتخصّص تلك الأدلّة بها وإن كانت بين أكثرها وتلك الأدلّة عموماً من وجه ، مع كون جملة منها لاختصاصها صراحة وظهوراً بصورة الاضطرار أخصّ منها مطلقاً ، فيكون مفادها بعد إرجاع التخصيص إليها أنّ كلّ مضطرّ ابيح له تناول المحرّمات بقدر ما يدفع الضرورة إلّا من اضطرّ إلى التداوي بالمسكر خمراً كان أو غيرها فإنّه لا يحلّ له التداوي به مطلقاً.
وعلى هذا فالجعل المنفيّ في قوله عليهالسلام : «إنّ الله لم يجعل في شيء ممّا حرّمه دواء ولا شفاء» يراد به الجعل التكليفي لا الجعل التكويني ، ومعناه أنّه لم يأذن في التداوي
__________________
(١) الوسائل ٢٥ : ٣٤٦ / ٩ ، ب ٢٠ الأشربة المحرّمة ، طبّ الأئمّة : ٦٢.
(٢) الوسائل ٢٥ : ٣٤٧ / ١٢ ، ب ٢٠ الأشربة المحرّمة ، عيون الأخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٢٩ / ١.
(٣) الوسائل ٢٥ : ٣٤٧ / ١٣ ، ب ٢٠ الأشربة المحرّمة ، علل الشرائع : ٤٧٨ / ١.
(٤) الوسائل ٢٥ : ٣٤٥ / ٥ ، ب ٢٠ الأشربة المحرّمة ، الكافي ٦ : ٤١٤ / ٨.