وخبر يونس بن عبد الرحمن قال : «سئل أبو الحسن الرضا عليهالسلام وأنا حاضر ... إلى أن قال : فقال : رفيق كان لنا بمكّة فرحل منها إلى منزله ورحلنا إلى منازلنا فلمّا أن صرنا في الطريق أصبنا بعض متاعه معنا فأيّ شيء نصنع به؟ قال : تحملونه حتّى تحملوه إلى الكوفة ، قال : لسنا نعرفه ولا نعرف بلده كيف نصنع؟ قال : إذا كان كذا فبعه وتصدّق بثمنه ، قال له : على من جعلت فداك؟ قال : على أهل الولاية» (١).
وخبر زرارة قال : «سألت أبا جعفر عليهالسلام عن اللقطة فأراني خاتماً في يده من فضّة؟ قال : إنّ هذا ممّا جاء به السيل وأنا اريد أن أتصدّق به» (٢).
وأيّدت بما ورد في تراب الصياغة من الأخبار الآمرة بالصدقة ، منها خبر عليّ بن ميمون الصائغ قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عمّا يكنس من التراب فأبيعه فما أصنع به؟ قال : تصدّق به فإمّا لك وإمّا لأهله ، قلت : فإنّ فيه ذهباً وفضّة وحديداً فبأيّ شيء أبيعه؟ قال : بعه بطعام. قلت : فإن كان لي قرابة محتاج اعطيه منه؟ قال : نعم» (٣).
وبما ورد من الأمر بالتصدّق بغلّة الوقف المجهول أربابه ، وما ورد من الأمر بالصدقة بما يبقى في ذمّة الشخص الأجير استأجره ، وبأنّ التصدّق أقرب طرق الإيصال ، وبأنه إحسان على المالك ، وأنّ الإذن منه حاصل بشهادة الحال للقطع برضاه بانتفاعه بماله في الآخرة على تقدير عدم انتفاعه به في الدنيا.
وإن كان قد يزيّف هذه الثلاث بمنع كون الصدقة أقرب طرق الإيصال بل الأقرب دفعه إلى الحاكم الّذي هو وليّ الغائب ، ومنع جواز كلّ إحسان في مال الغائب ، وشهادة الحال غير مطّردة إذ بعض الناس لا يرضى بالتصدّق لعدم يأسه عن وصوله إليه ، خصوصاً إذا كان المالك مخالفاً أو ذمّيّاً لا يرضى بالتلف ولا يرضى بالتصدّق على الشيعة. فالعمدة في المقام النصّ ، ولا يمكن الإضراب عنه.
وحينئذٍ فهل التصدّق واجب على من هو في يده على التعيين أو على التخيير بينه وبين الدفع إلى الحاكم؟.
__________________
(١) الوسائل ٢٥ : ٤٥٠ / ٢ ، ب ٧ أبواب اللقطة ، التهذيب ٦ : ٣٩٥ / ١١٨٩.
(٢) الوسائل ٢٥ : ٤٥١ / ٣ ، ب ٧ أبواب اللقطة ، التهذيب ٦ : ٣٩١ / ١١٧٢.
(٣) الوسائل ١٨ : ٢٠٢ / ١ ، ب ١٦ أبواب الصرف ، التهذيب ٧ : ١١١ / ٤٧٩.