وأنتم حضور ذلك فلا بأس بشرائه منه من غير كيل» (١).
وهذه الرواية واضحة الدلالة على المدّعى فتدلّ عليه في كلّ من الأسئلة الثلاث باعتبار التقرير والقول معاً ، لظهورها في عدم شبهة للسائل في جواز أصل الشراء وكون جوازه معتقداً له مفروغاً عنه عنده ، بل كانت اشتباهه لحيثيّات اخر طارئة للمورد مثل العلم بأنّ سلاطين الجور كانوا يأخذون أكثر من الحقّ الّذي كان يجب على المالك في مورد السؤال الأوّل فأجاب الإمام عليهالسلام بما يقضي بجواز شراء ما لم يعلم حرمته بعينه ، باعتبار عدم العلم بكون المأخوذ صدقة من الزيادة على الحقّ الواجب ، ويكشف عن تقريره عليهالسلام السائل على معتقده. ومثل كون المبيع الّذي يشتريه المالك من العامل عين ماله الّذي دفعه بعنوان الصدقة ، فأجاب الإمام عليهالسلام بما يقضي بجواز شرائه بعد العزل والأخذ لأنّه حينئذٍ خرج عن ملكه فلا حجر في شرائه حينئذٍ ، ويكشف عن تقريره السائل على معتقده. ومثل الاكتفاء في شرائه بالكيل الأوّل من غير اعتبار كيل آخر للاشتراء ، فأجاب الإمام عليهالسلام بما يقضي بجوازه بشرط حضور المشتري حين الكيل ، ويكشف عن تقريره على معتقده.
ونوقش في دلالتها على الإباحة بوجوه :
فأوّلاً : قوله «لا بأس به حتّى يعرف الحرام بعينه» فلم يتّضح دلالته على الإباحة لمعلوميّة حرمتها إجماعاً ، فيحتمل كونه كناية عن الحرمة ، وكان منشأ الإجمال التقيّة.
وثانياً : أنّها مختصّة بالشراء فلا تتناول غيره حتّى الأخذ مجّاناً أو هبة فليقتصر في مخالفة القواعد عليه.
وثالثاً : احتمال الشراء فيها استنقاذ الحقّ لا المعاملة الحقيقيّة ، بناءً على كون موردها صدقات المشتري خاصّة.
ورابعاً : احتمال كون المصدّق من قبل العدل لا الجائر.
وخامساً : عدم دلالتها على جواز شراء الخراج والمقاسمة ، بل غايتها الدلالة على الجواز في الزكاة.
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ٢١٩ / ٥ ، ب ٥٢ ما يكتسب به ، التهذيب ٦ : ٣٧٥ / ١٠٩٤.