التداوي بالخمر بل مطلق المسكر بما كان التداوي بطريق الشرب أو الأكل ، ويؤيّده أنّ في الأكل والشرب مفاسد ليست في غيرهما من التصرّفات والانتفاعات فيكون الاكتحال مخرجاً عنها بدليل جوازه المتقدّم.
وفي جواز التداوي بالطلي وعدمه وجهان : من ملاحظة تخصيص قاعدة المنع بالشرب والأكل ، ومن أنّ القدر المتيقّن ممّا خرج بالتخصيص هو الاكتحال وبقى غيره ومنه الطلي ، وهذا أوجه إن لم يتوجّه إليه أنّ القدر المتيقّن ممّا خرج بالتخصيص من قاعدة الاضطرار هو التداوي بالمسكر بطريق الشرب أو الأكل وبقى غيره ومنه الاكتحال والطلي. ويؤيّده أنّ العمدة من دليل جواز الاكتحال كما تقدّم هو قاعدة الاضطرار ، فالأقوى هو الجواز فيهما عند الضرورة الّتي ملاكها العلم أو الظنّ الغالب بانحصار العلاج.
فانقدح من تضاعيف كلماتنا من أوّل المبحث إلى هنا حرمة الانتفاع بالخمر بجميع وجوه الانتفاعات إلّا في أربعة مواضع :
الأوّل : شربها عند الضرورة للعطش.
الثاني : الاكتحال بها للضرورة.
الثالث : الطلي بها للتداوي عند الضرورة.
الرابع : اتّخاذها وإمساكها للتخليل.
السادسة : الخمر لا يملكها المسلم مطلقاً بلا خلاف بين الأصحاب وظهور الإجماع ، وعن الشيخ في الخلاف (١) الإجماع عليه ، ويدلّ عليه قوله عليهالسلام في رواية تحف العقول : «منهيّ عن ملكه» على معنى ترتيب آثار الملك عليها ولا يكون ذلك إلّا لانتفاء الملكيّة ، مضافاً إلى الروايات (٢) الواردة في عقد النصراني والنصرانيّة على الخمر والخنازير إذا أسلما قبل الأداء الدالّة على أنّه لا يؤدّي المهر من الخمر بل من غيرها ، وفي بعضها الدلالة على أنّها تقوّم عند مستحلّيها ويؤدّي القيمة ، وإذا كان الإسلام رافعاً للملكيّة
__________________
(١) الخلاف ٣ : ١٨٥.
(٢) الوسائل ٢١ : ٢٤٣ / ٢ ، ب ٣ أبواب المهور ، التهذيب ٧ : ٣٥٦ / ١٤٤٨.