وقد يستدلّ لإثبات كون الأرض في محلّ الاشتباه خراجيّة باستقرار سيرة السلاطين على ضرب الخراج على هذه الأراضي وأخذ المقاسمة على ارتفاعها.
وهذا أيضاً ضعيف ، إذ لو اريد بذلك أنّ السيرة المذكورة تكشف عن ثبوت ذلك في تلك الأراضي من الصدر الأوّل من غير نكير وإلّا لنقله أرباب التواريخ لكثرة اعتنائهم بنقل هذه الامور ، ففيه منع الكشف عن ذلك ، لعدم قضاء العادة بحصول نكير في مثل ذلك ، ولا بنقل المؤرّخين له على تقدير حصوله. أمّا الأوّل : فلجواز كون عدم النكير على السلاطين فيما أحدثوه من ضرب الخراج والمقاسمة على الأرض الغير الخراجيّة لضرب من الخوف والتقيّة. وأمّا الثاني : فلجواز عدم اطّلاع أهل التواريخ على ما أحدثوه ظلماً خصوصاً مع تأخّر زمانهم ، أو بناء عدم تعرّضهم على تقدير الاطّلاع على ضرب من الخوف أيضاً سيّما مع أنّ كثيراً منهم ألّفوا كتبهم لسلاطينهم.
ولو اريد به توسيط أصالة الصحّة في فعل المسلم لكون السلاطين من زمرة المسلمين ، فيحمل فعلهم في ضرب الخراج والمقاسمة على هذه الأراضي على الصحّة المقتضية لكونها خراجيّة ، ففيه ـ مع أنّ أصالة الصحّة على تقدير جريانها لا يثبت بها الموضوع ، وأنّها لا تجري في أفعال المخالفين والغالب من السلاطين من أهل الخلاف ـ : أنّه [إن] اريد بالصحّة المطلوبة من هذا الأصل الصحّة التكليفيّة أعني الجواز والإباحة قبالاً للحرمة ، ففيه أنّ حرمة تصرّفات الجائر حتّى في أخذ الخراج والمقاسمة فيما تحقّق كونه خراجيّاً مفروغ عنها ، فكيف بالمشتبه المحتمل كونه ملكاً لأربابه لعدم استحقاقه وكونه غاصباً في سلطنته.
وإن اريد بها الصحّة الوضعيّة أعني نفوذ هذه التصرّفات بالقياس إلى غيرهم إذا كان من الشيعة الّذي من آثاره بالنسبة إلى مستعملي الأرض براءة ذمّته عمّا دفعه إلى الجائر من الخراج والمقاسمة ، وبالنسبة إلى من يأخذ شيئاً منهما من الجائر مجّاناً أو معاوضة حلّ الأخذ وجوازه. ففيه منع جريانه لوجهين :
الأوّل : أنّ السلطان الضارب للخراج والمقاسمة الآخذ لهما على الأراضي المشتبهة إن كان من المخالفين فلا يجري في أفعاله أصالة الصحّة بالذات لما حقّق في مباحث ذلك الأصل من عدم جريانه في أفعال أهل الخلاف ، وإن كان من المؤمنين فالصحّة الوضعيّة