فعموم قوله عليهالسلام : «فجميع تقلّبه في ذلك حرام» يقتضي حرمة البيع والشراء بل مطلق التكسّب في الجميع ، بل قضيّة هذا العموم حرمة جميع الانتفاعات ، إلّا ما يضطرّ إليه الإنسان فيحلّ الانتفاع عند الضرورة ، إلّا ما يضطرّ إليه شرباً أو أكلاً للتداوي فإنّه حرام مطلقاً.
والدليل على الاستثناء الأوّل قاعدة الاضطرار ، والدليل على الاستثناء الثاني عموم المنع المستفاد من الأخبار المانعة من التداوي ، ويكفي فيه عموم التعليل الوارد فيها بقوله عليهالسلام : «إنّ الله عزوجل لم يجعل في شيء ممّا حرّم دواءً ولا شفاءً» (١) مضافاً إلى أنّ مورد أكثرها هو النبيذ ، ولو جعلناه بحسب الاسم عامّاً تثبت عموم المنع مع ما في بعضها النهي عن التداوي بالخبيث وهو بعموم مفهومه يعمّ الجميع مع إمكان دعوى الإجماع المركّب وعدم القول بالفصل.
وأمّا المسكرات الجامدة بالأصالة كالحشيشة الّتي منها ورق القنب على ما قيل وغيرها فهي وإن لم تكن من سنخ الأعيان النجسة إلّا أنّها لمشاركتها المسكرات المائعة في صفة الإسكار وتحريمها لأجله ربّما تذكر في المقام استتباعاً.
ففي المسالك بعد ما ذكر أنّ ضابط التحريم في الأنبذة كلّ مسكر مائع بالأصالة قال : «وكذا الجامدات إن لم يفرض لها نفع آخر وقصد من بيعها المنفعة المحلّلة» (٢).
ويستفاد من كلامه أنّ ما كان له من الجامدات منفعة محلّلة وقصد من بيعه المنفعة المحلّلة جاز التكسّب به ، بتقريب أنّ قوله : «وقصد بيعها ...» الخ لا يجوز كونه عطفاً على الشرط في القضيّة المنطوقيّة وإلّا لتهافت المعطوف والمعطوف عليه ، بل هو عطف على الشرط في القضيّة المفهوميّة وهو جواز بيعها إن كان لها منفعة محلّلة قصداً إلى إخراجه من الإطلاق إلى تقييده بالقصد المذكور. فيفيد أنّ الجواز مشروط بأمرين أحدهما : أن يكون فيه منفعة ، وثانيهما : أن يقصد ببيعه المنفعة المحلّلة ، فما لا منفعة فيه أو لم يقصد ببيعه تلك المنفعة حرم بيعه ، فالأقسام ثلاثة يجوز البيع في واحد منها دون غيره.
وفي الرياض بعد ما أشار إلى القول بهذا التفصيل تنظّر فيه بقوله : «فيه نظر لعموم
__________________
(١) الوسائل ٢٥ : ٣٤٦ / ٧ ، ب ٢٠ الأشربة المحرّمة ، طبّ الأئمّة : ٣٢.
(٢) المسالك ٣ : ١١٩.