أدلّة المنع» (١) وكان نظره في دعوى العموم إلى عموم قوله في رواية تحف العقول : «أمّا وجوه الحرام من البيع والشراء فكلّ أمر يكون فيه الفساد ممّا هو منهيّ عنه من جهة أكله أو شربه أو كسبه أو نكاحه أو ملكه أو إمساكه أو هبته أو عاريته» مضافاً إلى عموم الملازمة المستفادة من النبويّ المتقدّم : «إنّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه» فإنّه في الدلالة على التكسّب بما حرّمه الله تعالى يتناول المسكرات الجامدة أيضاً لأنّها أشياء حرّمها الله تعالى.
وقد يحتمل كونه عموم التشبيه في نحو قوله عليهالسلام في الأخبار المستفيضة : «إنّ الله لم يحرّم الخمر لاسمها بل لعاقبتها فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر» (٢) بناءً على أنّه يقتضي المشاركة في جميع الأحكام الّتي منها حرمة التكسّب.
ونوقش بأنّ التحقيق أنّه يقتضي المشاركة في الأحكام الظاهرة ، والظاهر من أحكام الخمر حرمة شربها. فالتمسّك بالعموم من جهة التشبيه غير جميل ، إلّا أن يدّعى كون حرمة التكسّب في الخمر من أحكامها الظاهرة. وفيه تأمّل ، فإنّ أقصى ما يسلّم فيها كون التكسّب بها من منافعها الغالبة ، وهو لا يقتضي كون حرمته من الأحكام الظاهرة.
وكيف كان فقضيّة نظر السيّد رحمهالله استناداً إلى العموم عدم الفرق في منع التكسّب بالجامدات بين صورها الثلاث ، فهو حرام وإن قصد به الجهة المحلّلة ، وهو مستظهر لأنّ التفصيل بالجواز من حيث الجهة المحلّلة وعدمه من حيث الجهة المحرّمة تخصيص في أدلّة المنع المفروض عمومها لمحلّ البحث فيحتاج إلى دليل. وعلى المفصّل إقامة الدليل عليه ، ويمكن أن يستدلّ له بوجوه :
الأوّل : التعليل الواقع في رواية تحف العقول بقوله عليهالسلام : «لأنّ ذلك كلّه منهيّ عن أكله وشربه ولبسه وملكه وإمساكه والتقلّب فيه ...» الخ فإنّه يفيد أنّ العلّة في تحريم بيع الأشياء المذكورة قبل ذلك تحريم منافعها ، فيفيد دوران تحريم البيع مع تحريم المنافع وجوداً وعدماً وبمقتضى حجّية العلّة المنصوصة يتعدّى من الأشياء المذكورة في
__________________
(١) الرياض ٨ : ١٣٠.
(٢) الوسائل ٢٥ : ٣٤٢ / ١ ، ب ١٩ الأشربة المحرّمة ، التهذيب ٩ : ١١٢ / ٤٨٦.