الرواية إلى غيرها ممّا وجد فيه العلّة فيعمّ تحريم البيع ودورانه مع العلّة المذكورة للمسكرات الجامدة أيضاً.
لا يقال : ظاهر العطف بواو الجمع كون العلّة تحريم جميع المنافع فلا تعمّ ما كان بعض منافعه محلّلاً كما هو محلّ البحث ، لأنّ الدوران في الوجود والعدم يفيد انتفاء تحريم البيع عند انتفاء تحريم جميع المنافع ، وهذا بضابطة رفع الإيجاب الكلّي يصدق مع عدم تحريم شيء من المنافع ومع عدم تحريم بعض المنافع ، غاية الأمر أنّه يثبت تحريم البيع بالنسبة إلى الثاني في المنفعة المحرّمة بدليل آخر ، ويكفي فيه عموم قوله : «فكلّ أمر يكون فيه الفساد ممّا هو منهيّ عنه من جهة أكله أو شربه أو كسبه» الخ فإنّه يعطي كفاية تحريم بعض المنافع في تحريم البيع ، والقدر المتيقّن من ذلك تحريم البيع في المنفعة المحرّمة إن لم ندّع الظهور فيه بحسب العرف ، فيبقى جواز البيع في المنفعة المحلّلة وصحّته مستفاداً من عمومات الصحّة مثل «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (١) «وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» (٢) ونحو ذلك.
الثاني : قوله عليهالسلام في رواية دعائم الإسلام : «إنّ الحلال من البيوع كلّما كان حلالاً من المأكول والمشروب وغير ذلك ممّا هو قوام للناس ويباح لهم الانتفاع ، وما كان حراماً أصله منهيّاً عنه لم يجز بيعه ولا شراؤه» (٣) وهذا يدلّ على إناطة حلّ البيع وتحريمه بحلّ المنفعة وتحريمها أكلاً في المأكول ، وشرباً في المشروب ، ولبساً في الملبوس ، وسائر وجوه الانتفاع في غيرها ، وينساق منه أنّ البيع في المنفعة المحلّلة حلال ، وفي المنفعة المحرّمة حرام ، ويجري هذا التفصيل فيما اشتمل على المنفعتين. ولو سلّم عدم جريانه فيه فلا ينساق من قوله : «وما كان حراماً أصله منهيّاً عنه لم يجز بيعه» أزيد من تحريم بيعه في المنفعة المحرّمة ، فيبقى حلّيّة بيعه في المنفعة المحلّلة مستفادة من العمومات.
الثالث : قوله : «إنّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه» فإنّه بملاحظة ما قرّرناه من الوجوه لإثبات الملازمة بين فساد البيع وتحريمه في معنى قوله : «إذا حرّم شيئاً حرّم بيعه»
__________________
(١) المائدة : ١.
(٢) البقرة : ١٨٨.
(٣) دعائم الإسلام ٢ : ١٩.