المبحث الأوّل
اختلف الأصحاب في أنّ للصيغة المخصوصة تأثيراً خاصّاً وأثراً مخصوصاً باعتبار كونها معتبرة في اللزوم أو في الصحّة أو في صدق الاسم أو لا؟ ومنه نشأ النزاع في المعاطاة بين قائل بكونها بيعاً صحيحاً لازماً ، وقائل بكونها بيعاً صحيحاً غير لازم ، وقائل بكونها بيعاً غير صحيح فلا يؤثّر ملكاً ولا إباحة ، وقائل بعدم كونها بيعاً أصلاً ، وحينئذ فإمّا أن تكون إباحة لوجوه التصرّفات ، أو معاملة مستقلّة موجبة لنقل الأعيان أو المنافع وليست بيعاً ولا إجارة ولا صلحاً ولا هبة ولا عارية ، أقوال خمس.
أوّلها : منسوب إلى ظاهر المفيد قائلاً ـ على ما حكي عنه في المقنعة ـ : «ينعقد البيع على تراض بين الاثنين فيما يملكان المتبايع له إذا عرفاه جميعاً وتراضيا بالبيع وتقابضا وافترقا بالأبدان» (١) واستظهار الصحّة واللزوم من هذه العبارة لعلّه بملاحظة عدم تعرّضه فيها لذكر الصيغة مع تعرّضه لجملة من شرائط الصحّة ، فبالإطلاق تدلّ على انعقاد البيع مع الصحّة بدون الصيغة ، واعتباره الافتراق بالأبدان وهو شرط اللزوم لا الصحّة ، فيكون مفاد العبارة أنّه ينعقد البيع الصحيح اللازم بالامور المذكورة الّتي منها ما هو شروط للصحّة ، ومنها ما هو شرط للزوم. وعزي الموافقة له إلى الأردبيلي (٢) والكاشاني (٣) ونسبه في الحدائق (٤) أيضاً إلى صاحب الكفاية (٥) وإلى والده وإلى الشيخ عبد الله بن صالح البحراني وقال : «إنّهما نقلاه أيضاً عن شيخهما العلّامة الشيخ سليمان البحراني» (٦) ويظهر الميل إليه من عبارة المسالك (٧) لو لا الإجماع على خلافه ، لمكان
__________________
(١) المقنعة : ٩١.
(٢) مجمع الفائدة ٨ : ١٤٢.
(٣) المفاتيح ٣ : ٤٩.
(٤ و ٦) الحدائق ١٨ : ٣٥٠.
(٥) الكفاية : ٨٨.
(٧) المسالك ٣ : ١٥١.