وكيف كان فالأقوى ما هو المشهور بين المتأخّرين من صحّة المعاطاة وإفادتها الملك لوجوه :
أوّلها : سيرة المسلمين قديماً وحديثاً في جميع الأعصار والأمصار على أنّهم يعاملون في الأموال المأخوذة بالمعاطاة معاملة الأملاك في تصرّفاتهم فيها ، من البيع والهبة والوقف والعتق ووطء الجارية والوصيّة والتوريث واستطاعة الحجّ وإخراج الخمس والزكاة وجعل المهر في النكاح دواماً وانقطاعاً وما أشبه ذلك ، فتكشف عن رضا صاحب الشريعة وصادعها صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وتوهّم بنائها على المسامحة وقلّة المبالاة في الدين كما في ارتكابهم لكثير من الامور الغير المشروعة ، يدفعه عدم كونها حادثة بل قديمة من زمن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأعصار الأئمّة الطاهرين عليهمالسلام ودخول الفقهاء والعلماء والصلحاء والمتّقين والمتورّعين ، مضافاً إلى أنّ من آثار الملكيّة الّتي يرتّبونها على الأموال المذكورة ما لا مسرح لاحتمال المسامحة فيه ، كالحلف أو الإحلاف عليه في مقام التداعي أو الدعوى والإنكار وإقامة البيّنة على الملكيّة والقضاء بها ، وعدم تكذيب المدّعي للملكيّة وكون التكذيب من مكذّبه مستنكراً إلّا إذا استند تكذيبه إلى اختلال شرط من شروط الصحّة.
وبهذا كلّه تندفع المناقشة فيها بأنّ أقصاها الكشف عن إباحة التصرّفات ، فإنّ التصرّفات المبتنية على الملك خصوصاً الحلف والإحلاف وإقامة البيّنة على الملكيّة والقضاء بها لا تتمّ بدون الملك.
وبهذا كلّه مضافاً إلى القطع باستقرار السيرة على استناد تصرّفاتهم بأسرها على الملكيّة واعتقاد حصول الملك من أوّل الأمر وكشفها عن تقرير المعصوم على أصل الملكيّة واعتقاد حصولها بنفس المعاطاة ابتداءً ومن أوّل الأمر ، يعلم أنّه لا مجال لأحد أن يقول بمنع اعتبار الملك في التصرّفات المتوقّفة عليه في جميع أحوالها ـ التفاتاً إلى عدم كون التوقّف عقليّاً حتّى يستحيل الانفكاك بل شرعي ثبت بالإجماع أو غيره من الأدلّة فيجوز اختصاص موردها بغير المأخوذ بالمعاطاة ، فإنّ نحو هذا الاحتمال ليس بمستبعد ، كيف وعليه مبنيّ القول بالإباحة ممّن يسوغ جميع وجوه التصرّفات حتّى المتوقّفة منها على الملك ، مع أنّ نحو هذه التصرّفات من غير ملك مع توقّف نوعها على