الملك بعادم النظير في الشريعة ، كما في بيع ثلث الميّت أو وقفه الموصى بهما على القول بعدم كونه ملكاً للميّت والمفروض عدم كونه ملكاً للوصي ولا للوارث ، وبيع الوقف العامّ عند قيام ما يسوغه على القول في الوقف بكونه فكّ الملك أو انتقال ملكه إلى الله عزوجل ، وشراء المملوك من تركة من لا وارث له سواه ليعتق حتّى ينتقل إليه بقيّة التركة وما أشبه ذلك ـ ولا أن يقول بعد تسليم التوقّف الدائمي على الملك بمنع اقتضاء السيرة الجارية بنحو هذه التصرّفات سبق الملك وحصوله من أوّل الأمر ، لكفاية حصوله آناً ما في صحّة التصرّف ، فيجوز حينئذٍ التزام إباحة جميع التصرّفات مع التزام حصول الملك عند التصرّف المتوقّف على الملك لا من أوّل الأمر.
ثانيها : قوله تعالى : «أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» (١) فإنّه يدلّ على الصحّة فيما سمّي بيعاً على معنى كونه بحيث يترتّب عليه أثر حصول الملك ، كما استدلّ به الفقهاء قديماً وحديثاً على الصحّة في جميع أبواب البيوع. وهذا ممّا لا إشكال فيه ، بل الإشكال في بيان وجه دلالة الآية على الصحّة فإنّه لا يخلو عن غموض ، غير أنّ الظاهر أنّها تدلّ عليها بالالتزام ، نظراً إلى أنّ مدلولها المطابقي هو الحكم التكليفي ، وهو ترخيصه تعالى في المعاملة البيعيّة المتداولة بين الناس المقصود بها التمليك والتملّك ، إذ الإحلال إفعال من الحلّ عبارة عن جعل الحلّيّة كما أنّ التحريم من الحرمة عبارة عن جعل الحرمة ، فحاصل معناه أنّه تعالى جعل الحلّيّة للبيع ورخّص فيه ، ويستلزم ذلك عرفاً كون البيع بحيث يترتّب عليه أثر حصول الملك.
ويؤيّده قرينة المقابلة بينه وبين قوله : «وَحَرَّمَ الرِّبا» فإنّ تحريمه الربا معناه منعه تعالى من المعاملة الربويّة وطلب تركها حتماً ، وهذا يكشف عن مبغوضيّة هذه المعاملة في نظره تعالى ، فيستلزم عرفاً أو عقلاً عدم كونها بحيث يترتّب عليها أثر الملك أو كونها بحيث لا يترتّب عليها الأثر ، فقوله : «أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» بقرينة المقابلة معناه رخّص الله في البيع ، فيكشف عن عدم مبغوضيّة البيع في نظره تعالى بل كونه بحيث رضي به تعالى ، فيستلزم عرفاً أو عقلاً كونه بحيث يترتّب عليه الأثر.
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥.