وقد يقال كما حكي : إنّ الآية تدلّ عرفاً بالمطابقة على صحّة البيع لا على مجرّد الحكم التكليفي. ولم نتحقّق معناه ، إذ لو اريد به أنّ الإحلال من الحلّ وهو مرادف للصحّة بمعنى كونه بحيث يترتّب عليه الأثر ، فيكون معنى «أحلّ الله البيع» صحّح الله البيع ، ففيه منع واضح ، إذ الحلّ بمعنى الحلّيّة باعتبار وضعه العرفي أو الشرعي كما هو المصرّح به في كلامهم نقيض للحرمة ، وكونه مرادفاً للصحّة يقتضي وضعه ثانياً بالنقل أو بالاشتراك لمعنى الصحّة ، والأصل ينفيهما ، وعلى هذا فالآية دالّة بالمطابقة على الحكم التكليفي لا الوضعي.
وأمّا ما يقال في وجه الاستدلال بالآية : من أنّ المتبادر عرفاً من حلّ البيع صحّته شرعاً ، فإن اريد به التبادر الأوّلي من حاقّ اللفظ على حدّ التبادرات الوضعيّة الكاشفة عن الوضع ، فمرجعه إلى دعوى الدلالة بالمطابقة على الصحّة ، وقد عرفت ما فيه.
وإن اريد به التبادر المستند إلى القرينة الخارجيّة على حدّ تبادرات المعاني المجازيّة المستندة إلى قرائنها ، فيكون المتبادر على هذا الوجه من أحلّ البيع صحّح الله البيع ، فأصل الدعوى ممّا لا حزازة فيه إلّا أنّ الإذعان بها يحتاج إلى وجود قرينة التجوّز في الآية ولم نقف عليها ، فوقوع التجوّز بإرادة الصحّة من الحلّ غير واضح.
وإن اريد به التبادر الثانوي على حدّ تبادر المداليل الالتزاميّة الحاصل عقيب تبادر المدلول المطابقي فلعلّه يرجع حينئذ إلى ما قرّرناه فلا حجر فيه حينئذٍ.
وقد يقرّر وجه الاستدلال بالآية بأنّه يدلّ على حلّيّة جميع التصرّفات المترتّبة على البيع ، ولا يخلو عن قصور إلّا أن يوجّه بأنّ حلّيّة التصرّفات المترتّبة على البيع تكشف عن صحّة نظر أهل العرف ومطابقة معتقدهم للواقع ، حيث إنّهم يستعملون البيع في معاملاتهم باعتقاد التأثير في حصول الملك خصوصاً إذا حمل البيع على تمليك العين على وجه التعويض كما تقدّم في تعريفه ، بتقريب أنّ التمليك لا يتحقّق ولا يصدق إلّا حيث حصل الملك ، فالمراد من البيع التمليك المستتبع لحصول الملك ولكن في نظر أهل العرف وعلى حسب معتقدهم.
والشكّ في الصحّة والفساد حيث يستدلّ لإثبات الصحّة بالآية يرجع إلى الشكّ في صحّة نظر العرف ومطابقة معتقدهم للواقع ، وحلّ التصرّفات المترتّبة على البيع بهذا