على من شرّك في الحلّيّة بين البيع والربى ، كما يفصح عنه قوله : «ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا» ولا ريب في عدم إطلاق في المستثنى بحيث يعمّ حكمه المعاطاة.
ويدفعه : أنّ قوله : «وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا» (١) ظاهر في كونه ردّاً وتصديقاً لهم في قولهم «إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا» الظاهر في اعتقادهم بحلّيّة كلّ بيع وحلّيّة كلّ ربا ، فردّهم في الثاني ببيان تحريم كلّ ربى مع تصديقهم في الأوّل فيكون في معنى التعميم.
ومنها : أنّ من شرط حجّيّة إطلاق المطلق كونه متواطئاً في أفراده ، والتواطئ هنا منتف لانصراف البيع إلى البيع بالصيغة.
ويدفعه : أنّ الانصراف لا بدّ له من موجب ، وهو إمّا كمال الفرد فالمحقّقون من الاصوليّين إلى عدم صلاحيته موجباً له ، وإمّا غلبة وجود أو غلبة إطلاق فهما في جانب المعاطاة ، لما تقدّم في الجهة الاولى من أنّها غالب الوقوع في معاملاتهم الناس من أهل الأسواق وغيرهم ولا سيّما في المحقّرات ، ولو سلّم عدم كونهما في جانب المعاطاة فلا نسلّم كونهما في جانب البيع بالصيغة ، فالتواطؤ الّذي هو من شروط الحجّيّة حاصل في المقام.
ومنها : أنّ من شروط الحجّيّة أيضاً عدم كون المطلق مقيّداً بالمجمل ، وهو هنا مقيّد به ، لأنّ من البيوع ما هو صحيح ومنها ما هو فاسد ومنها ما هو مشكوك الحال ، فما علمناه صحيحاً نحكم بصحّته ، وما علمنا فاسداً نحكم بفساده ، وأمّا الفرد المشكوك فيه كالمعاطاة فلا نحكم عليه بالصحّة ولا بالفساد لاحتمال كونه من النوع الصحيح أو من النوع الفاسد ، وهذا ما يسمّى بالإجمال المصداقي لعدم وضوح دلالة المطلق بالقياس إلى الفرد المشتبه.
ويدفعه : منع كون ما نحن فيه من هذا القبيل ، لأنّ تقييد المطلق بالمجمل مع كون الإجمال مصداقيّاً إنّما هو فيما لو كان للماهيّة نوعان ودلّ دليل من الخارج على تقييد المطلق بأحدهما المعيّن ، على معنى كون المراد منه للماهيّة من حيث تحقّقها في ضمن ذلك النوع القاضي بخروج النوع الآخر عن المراد ، ثمّ اتّفق مصداق خارجي يشكّ كونه
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥.